السبت 18 شوّال 1445 - 27 ابريل 2024
العربية

هل الصحيح: (وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ )، أو (لَا ‌يَبِيدُ)؟

492697

تاريخ النشر : 03-03-2024

المشاهدات : 388

السؤال

قرأت تعليقا للشيخ الألباني رحمه الله تعالى في كتابه "أصل صفة الصلاة"، باب الدعاء قبل السلام وأنواعه، عندما علّق على الدعاء الرابع: "...وأسألك نعيماً لا يَبِيد ...\" قال الشيخ الألباني: وقال النسائي: "ينفد"، والصواب رواية الجمهور. فالذي فهمته من تعليقه هو أن كلمة "ينفد" في الدعاء شاذة، وأن الصواب في الدعاء هي كلمة "يبيد" كما رواها جمهور المحدثين. فهل من أراد الدعاء ينبغي له أن يقول: "وأسألك نعيما لا يبيد"، بدل قوله: "وأسألك نعيما لا ينفد"؟

الجواب

الحمد لله.

روى ابن حبان في صحيحه"الاحسان" (5 / 304 -305) وغيره كما سيأتي: عن حَمَّاد بْن زَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَدَخَلَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَصَلَّى صَلَاةً خَفَّفَهَا، فَمَرَّ بِنَا، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ خَفَّفْتَ الصَّلَاةَ!!

قَالَ: أَوَ خَفِيفَةً رَأَيْتُمُوهَا؟

قُلْنَا: نَعَمْ.

قَالَ: أَمَا إِنِّي قَدْ دَعَوْتُ فِيهَا بِدُعَاءٍ قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ثُمَّ مَضَى فَأَتْبَعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَسَأَلَهُ عَنِ الدُّعَاءِ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَخْبَرَهُمْ بِالدُّعَاءِ:

( اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ؛ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي.

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ. وَكَلِمَةَ الْعَدْلِ وَالْحَقِّ فِي الْغَضَبِ والرضا.

وأسألك القصد في الفقر والغنا.

وَأَسْأَلُكَ ‌نَعِيمًا ‌لَا ‌يَبِيدُ، وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ.

وَأَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ.

وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ.

وَأَسْأَلُكَ الشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ، فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ.

اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين).

وقد قوّاه غير واحد.

قال الشيخ شعيب رحمه الله تعالى في تعليقه على "الإحسان": " إسناده قوي، فإن سماع حماد بن زيد من عطاء بن السائب قبل الاختلاط " انتهى.

وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:

" قال الحاكم: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي. وهو كما قالا؛ فإن عطاء بن السائب - وإن كان قد اختلط؛ فقد - روى عنه حماد بن زيد قبل الاختلاط؛ ولذلك قال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (1/288): إسناده جيد. " انتهى من "أصل صفة الصلاة" (3/1008).

وعبارة: ( وَأَسْأَلُكَ ‌نَعِيمًا ‌لَا ‌يَبِيدُ )، هكذا رواها أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، عن حَمَّاد ابْن زَيْدٍ. كما عند ابن خزيمة في "التوحيد" (1/29)، وعنه رواها ابن حبان "الاحسان" (5/ 304 -305).

وهكذا رواها أيضا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، عن حَمَّاد ابْن زَيْدٍ، عند البزار في "المسند" (4 / 230).

ومُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عن حَمَّاد ابْن زَيْدٍ، عند المروزي كما في "مختصر قيام الليل" (ص339).

وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْبَصْرِيُّ، عن حَمَّاد ابْن زَيْدٍ، عند الدارقطني في "الرؤية" (ص 256).

وأبو النعمان محمد بن الفضل، عن حَمَّاد ابْن زَيْدٍ، عند الحاكم في "المستدرك" (1/524).

وخالفهم غيرهم فرووا هذه الجملة بلفظ: ( وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ ).

كما عند النسائي (1305) عن يَحْيَى بْن حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، عن حَمَّاد ابْن زَيْدٍ.

وهكذا رواها أيضا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عن عَارِم أَبي النُّعْمَانِ، عن حَمَّاد بْن زَيْدٍ. عند الطبراني في "الدعاء" (ص199).

وسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عن حَمَّاد بْن زَيْدٍ. عند الدارمي في "الرد على الجهمية" (ص115)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (3/488).

وأَسَدُ بْنُ مُوسَى، عن حَمَّاد بْن زَيْدٍ. عند اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (3/488).

وهكذا رواه أيضا ابن أبي شيبة في "المصنف" (16/181): عن مُعَاوِيَة بْن هِشَامٍ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ.

وعنه عبد الله ابن الإمام أحمد في "السنة" (1/254): عن أَبي بَكْرٍ، وَعُثْمَان، ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حدثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ.

الخلاصة:

لفظ ( نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ ) لم ينفرد به النسائي، بل رواه غيره أيضا منهم سليمان بن حرب الثقة الإمام، فلا يحكم بشذوذها، وإنما الظاهر أن الخبر روي بالمعنى، والخطب هيّن في هذا؛ فاللفظان بمعنى واحد؛ فبأيِّهما دعا المسلم: فلا حرج عليه، وقد أصاب الدعاء بمعناه، وصحت به الرواية أيضا.

ولفظ ( لَا يَنْفَدُ )، له ما يشهد له من الوحي.

قال ابن رجب رحمه الله تعالى:

" قوله -صلى الله عليه وسلم-: ( وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ ).

النعيم الَّذِي لا ينفد هو نعيم الآخرة، كما قال الله تعالى: ( مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ )، وقال تعالى: ( إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ ) ... " انتهى من "مجموع رسائل ابن رجب" (1 / 169 - 170).

والله أعلم.
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب