الأربعاء 27 ذو الحجة 1445 - 3 يوليو 2024
العربية

ما حكم من أدخل الحج على عمرة فاسدة قبل أن يقضيها؟

507740

تاريخ النشر : 02-06-2024

المشاهدات : 540

السؤال

رجل سيتم عمرة له فاسدة بالجماع قبل الحج هذا العام و لن يقضها فهل ستفسد حجه لانه سيصبح متمتع ؟ فالاحوط له قضاء العمرة الفاسدة ثم حج
لان مذهب المالكية و بعض الشافعية و الحنابلة و الحنفية عدم صح ادخال الحج على العمرة الفاسدة .
و لانه سيتم عمرته الفاسدة في اشهر الحج و اذا جاء موسم الحج نوى الحج عند الميقات فسيفسد حجه او حتى لم يصح احرامه لانه لم يقضي العمرة
باختصار هل يشترط للحج الصحيح ان يسبقه عمرة صحيحة في التمتع ؟

ملخص الجواب

أن من أفسد عمرته، فعليه قضاؤها قبل أن يحرم بالحج. فإن لم يفعل، وأدخل عليها الحج: فالجمهور على أنه لا يصح حجه. وذهب المالكية إلى صحة حجه، وأنه يكون متمتعا لا قارنا، إن حل منها، ثم حج  من  عامه.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

من جامع في العمرة فسدت عمرته، على تفصيل عند الفقهاء:

1-فعند الحنفية: تفسد إن جامع قبل أن يأتي بأربعة أشواط من الطواف.

2-وعند المالكية والحنابلة: تفسد إن جامع قبل تمام السعي.

3-وعند الشافعية تفسد إن جامع قبل الحلق أو التقصير.

وينظر: الموسوعة الفقهية (30/ 327)، شرح منتهى الإرادات (1/ 550).

والواجب على من أفسد العمرة: التوبة، والفدية، وقضاء العمرة الفاسدة، وهذا القضاء يجب على الفور عند الجمهور.

قال ابن جماعة رحمه الله تعالى: " وإذا فسد الحج أو العمرة: وجب المضي في فاسدة ، ويجب قضاؤه على الفور في الأصح، وهو مذهب الثلاثة، إلا أن وجوب القضاء على الفور، هو مقتضى كلام الحنفية في الحج وفي العمرة على القول بوجوبها " انتهى من "هداية السالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك" (2 / 764).

ثانيا:

من أفسد العمرة، ولم يقضها، ثم أدخل عليها الحج، فهل ينعقد إحرامه بالحج؟ وإذا انعقد، فهل يكون صحيحا أو فاسدا؟ على خلاف بين الفقهاء.

1-فذهب الحنابلة إلى أنه لا ينعقد إحرامه بالحج.

قال البهوتي رحمه الله في كشاف القناع (2/ 485): " (وإن كان وطئ بعد حله من العمرة)، وقد فرضنا طوافها بلا طهارة= (حكمنا بأنه أدخل حجا على عمرة فاسدة؛ فلا يصح) إدخال الحج عليها، (ويلغو ما فعله من أفعال الحج)؛ لعدم صحة الإحرام به " انتهى.

2-وذهب الشافعية في الأصح إلى أن حجه ينعقد فاسدا.

قال النووي رحمه الله في المجموع (7/ 172):

" هذا كله إذا كانت العمرة التي أدخل عليها الحج صحيحة.

فإن كانت فاسدة، بأن أفسدها بجماع، ثم أدخل عليها حجا، ففي صحة إدخاله، ومصيره محرما بالحج: وجهان مشهوران، ذكرهما المصنف بدليلهما:

(أصحهما) عند الأكثرين يصير محرما، وبه قال ابن سريج والشيخ أبو زيد.

(والثاني) لا يصير، وصححه صاحب البيان.

وإن قلنا: يصير، فهل يكون حجه صحيحا، مجزئا؟

فيه وجهان:

(أحدهما) نعم؛ لأن المُفْسِد متقدم.

(وأصحهما) لا؛ لأنه تابع لعمرة فاسدة " انتهى.

 3-وذهب المالكية-وهو وجه عند الشافعية- إلى أن حجه يصح، ويكون متمتعا إن كانت عمرته الفاسدة في أشهر الحج، وحل منها، وعليه قضاء عمرته الفاسدة بعد حجه.

قال الحطاب المالكي رحمه الله في شرح قول خليل: " ثم قران: بأن يحرم بهما وقدمها، أو يردفه بطوافها، إن صحت وكمله": " ص ( إن صحت )

ش: يعني أن شرط الإرداف: أن تكون العمرة صحيحة.

فإن كانت فاسدة: لم يصح الإرداف عند ابن القاسم، ويكون باقيا على عمرته، ولا يحج حتى يقضيها.

فإن أحرم بالحج قبل أن يقضيها: صح إحرامه بالحج.

وإن كانت عمرته الفاسدة في أشهر الحج، فحل منها، ثم حج من عامه قبل قضائها: فهو متمتع، وعليه قضاء عمرته بعد أن يحل من حجه، وحجه تام. قاله محمد، ونقله صاحب الطراز.

وقال عبد الملك: يرتدف الحج على العمرة الفاسدة، ويكون قارنا، وعليه دم في عامه الأول لقرانه، وعليه القضاء من قابل.

ويريق دمين، دم لقران القضاء، ودم الفساد. قاله في الطراز أيضا" انتهى من مواهب الجليل (3/ 51).

4-وذهب الحنفية- فيما ظهر لنا- إلى أنه ينعقد حجه فاسدا، ويلزمه قضاؤه.

قال في المبسوط (4/ 121): " : وإن جامع في العمرة قبل الطواف، ثم أضاف إليها حجة، يقضيهما جميعا؛ لأن إضافة الحج إلى العمرة الصحيحة جائز، فإلى العمرة الفاسدة أولى، وليس عليه دم القران، لفساد أحد النسكين" انتهى.

وقد صرحوا أنه لا يكون متمتعا، ولا قارنا.

وينظر: بدائع الصنائع (2/ 171)، حاشية ابن عابدين (2/ 530).

والقول بصحة إدخال الحج على عمرة فاسدة، اختاره العلامة السعدي رحمه الله.

قال رحمه الله: "هب أن العمرة فاسدة بالوطء المذكور؛ فلنخصها بالفساد، ولا نعدي ذلك إلى الحج، وذلك أن الأصل: أن أركان العمرة وواجباتها ومكملاتها: متعلقات بها وحدها، صحة وفسادا، أو نقصا وكمالا، كما أن الحج كذلك، وكلاهما نسك مستقل في ذاته، ومستقل في أفعاله وأقواله، وبينهما حِلٌّ، برزخ؛ لا من هذا، ولا من هذا.

والعبادات المستقلة: الأصل أن كل عبادة لا تفسد بفساد الأخرى؛ فإدخال هذه المسألة، في هذا العموم: أولى من إخراجها بحجة أن العمرة والحج مرتبط بعضها ببعض؛ فالارتباط إنما في وجوب الإتيان بالحج للمتمتع الذي لم يحج، أو الذي فسخ عمرته إلى الحج، لا في أفعالهما؛ بدليل استقلال كل منهما بما فيها من طواف وسعي ووقوف وحلاق وغيرها. والله أعلم. " انتهى من الفتاوى السعدية، ص246، وضمن "مجموع مؤلفات السعدي" (21 / 130).

والحاصل:

أن من أفسد عمرته، فعليه قضاؤها قبل أن يحرم بالحج.

فإن لم يفعل، وأدخل عليها الحج: فالجمهور على أنه لا يصح حجه.

وذهب المالكية إلى صحة حجه، وأنه يكون متمتعا لا قارنا، إن حل منها، ثم حج  من  عامه.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب