الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

ما حكم بدء الطواف من قبل الحجر الأسود بخطوات وإنهاؤه بعده بخطوات احتياطًا؟

507748

تاريخ النشر : 04-05-2024

المشاهدات : 2403

السؤال

هل يبطل الطواف بزيادة خطوات قبل الحجر احتياط عمدا ليحصل اليقين بمحاذاته و الانتهاء بعد الحجر بخطوات ايضا احتياط اعلم انه مخالف للسنة لكن سأنتقل بذلك الى اليقين فالاسهل لي ان ابدء قبله و انهي بعده احتياط حتى اضمن اليقين
ام انه كالصلاة تبطل بالزيادة عليها احتياط ؟
لكنني بتلك الخطوات الزائدة التي سأقوم بها عند البداية و النهاية انتقل من الشك لليقين التام .

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يشترط لصحة الطواف أن يكون سبعة أشواط، وأن يبدأ كل شوط من الحجر الأسود، وينتهي كذلك بالحجر الأسود، فمن ترك من ذلك شيئا ولو كان خطوة، لم يصح شوطه.

قال النووي رحمه الله : " لو بقي شيء من الطَّوْفات السبع: لم يصح طوافه؛ سواء قلَّت البقية أم كثرت، وسواء كان بمكة أم في وطنه، ولا يُجبر بالدم.

هذا مذهبنا, وبه قال جمهور العلماء.." انتهى من "المجموع" (8/29) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " قوله: ومن ترك شيئاً من الطواف:

شرع المؤلف رحمه الله في بيان شروط الطواف، فمنها أن يكون مستوعِباً لجميع الأشواط، من الحجر إلى الحجر؛ ولهذا قال: ومن ترك شيئاً من الطواف.

وشيئاً: نكرة في سياق الشرط، فتفيد العموم، فتشمل ما لو ترك خطوة واحدة، أو شبراً واحداً من الطواف، فإنه لا يصح.

لكن إذا تركه من شوط، وذكر المتروك في أثناء الطواف، فإنه يلغي الشوط الذي ترك منه ذلك، ويقع ما بعده بدلاً عنه" انتهى من الشرح الممتع (7/ 248).

ثانيا:

إذا كان الإنسان قريبا من الحجر، واستلمه بيده أو بعصا، أو لم يستلمه، لكن كان قريبا منه، فلا يحتاج أن يبدأ قبله بخطوات، ولا أن يختم بعده بخطوات، لعلمه بمحاذاة الحجر بجميع بدنه، بدءا وختما.

والتقدم هنا بخطوات صرح بعض أهل العلم بأنه بدعة وتنطع كما سيأتي.

وأما إذا كان بعيدا عن الحجر، وقد أُزيل الخط المرسوم بالأرض الذي كان يحاذي الحجر، فإن الطائف يَعرف بداية الطواف بالنظر إلى الركن الذي فيه الحجر، ويحاذي بينه وبين النور الأخضر عن يمينه، ويفرض بينهما خطا متصلا، ويكون مبدأ الطواف من هذا الخط، ولا بأس هنا: أن يحتاط ويبدأ قبله بخطوات، وينتهي بعده بخطوات؛ ليؤدي طوافه بيقين.

قال الحجاوي رحمه الله في زاد المستقنع: "فَيُحَاذِي الحَجَرَ الأسْوَدَ بِكُلِّهِ، وَيَسْتَلِمُهُ، وَيُقَبِّلُهُ فَإِنْ شَقَّ قَبَّلَ يَدَهُ، فَإِنْ شَقَّ اللّمْسُ أَشارَ إِليْهِ".

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه: "قوله: فيحاذي الحجر الأسود، يحاذي: أي: يوازي...

قوله: بكله، أي: بكل بدنه، بمعنى يستقبله تماماً، فلو وقف أمام الحجر، وبعض الحجر خارج بدنه من الجانب الأيسر، فإن هذا الشوط ناقص، فلا بد أن يحاذي الحجر الأسود بكله.

والتحديد بهذا الحد في النفس منه شيء؛ لأن ظاهر فعل الصحابة رضي الله عنهم أنهم إذا حاذوه سواء كان بكل البدن أو بالجانب الأيمن من البدن أو الأيسر أن الأمر سهل.

ولكن على كلام الفقهاء لا بد من هذا.

وعليه؛ فيشكل كثيراً فيما سبق كيف تكون هذه المحاذاة الدقيقة؟

وكنا نتعبُ في هذه المحاذاة الدقيقة، ونحتاط، فنخطو خطوات مما يلي الركن اليماني، وكان العامة يبدؤون من حيث يظنون أنهم حاذوا الحجر. ومعلوم أن الإنسان كلما بعد عن الكعبة، شقت المحاذاة.

ولكن من تيسير الله عزّ وجل، بعد تبليط المطاف، جعلت هذه العلامة [أي الخط]. وكانت بالأول خطين بنيين، والحجر بينهما، فكان في هذا خلل وضرر، لأن المبتدئ سوف يبتدئ من الخط الأيمن، ويكون من بعد الحجر، والمنتهي ينتهي بالخط الأيسر فينتهي الطواف قبل أن يصل إلى الحجر. وبقي الناس على هذا برهة من الزمن ثم غيِّر الخطان، وجعل هذا الخط في قلب الحجر، فكان علامة مريحة ومفيدة للطائفين، لا سيما العوام. وأما طالب العلم فيمكن أن يتخلص، ويحتاط، بأن يتقدم إلى الركن اليماني ويؤدي طوافه بيقين.

على أن هذا الخط فيه منازعات، فبعض الناس يقول يجب أن يرفع؛ لأن بعض العامة إذا وجد الخط وقف، وبعض العامة إذا كان الخط خالياً صلى على الخط فيظنون أن هذا الخط شيء مقصود شرعاً، وليس كذلك، قالوا: فمن أجل هذا يجب رفعه.

فنقول: الحقيقة إن هذا أمر كما يقولون سلبي، ولكن الأمر الإيجابي أهم من هذا، وهو انضباط الناس في ابتداء الطواف وانتهائه، وأما مسألة الوقوف، فنحن شاهدنا في الزحام وفي الفضاء ليس وقوفاً كثيراً، ثم إن هذا الوقوف، مقابَل بالوقوف إذا لم يكن هناك خط، لأن كل إنسان يظن أنه حاذى الحجر سوف يقف، فتتعدد المواقف، ويكون هذا أشد تضييقاً وزحاماً، فهذا يقف يظن أنه حاذى الحجر، والثاني يقف يظن أنه حاذى الحجر، والثالث يقف بعده يظن أنه حاذى الحجر، فيكون أشد زحاماً، وأما الصلاة فإن كان زحام فلا أحد يقدر أن يصلي، وإن كان في غير زحام، فالذين يصلون قليلون يمكن أن ينصحوا، المهم أن منفعته أكثر من مضرته فيما نرى، ونسأل الله أن يبقيه، وإلا فهناك معارضة قوية في أن يزال، ولكن نرجو من الله سبحانه وتعالى أن يمكنه حتى ينتفع الناس به.

وعلى كلام المؤلف، يجب أن يحاذي الحجرَ بكل بدنه، والصواب أنه ليس بواجب وأنه لو حاذاه ولو ببعض البدن فهو كافٍ، واختاره شيخ الإسلام، ولا حاجة إلى أن يحاذي بكل البدن، نعم إن تيسر فهو أفضل لا شك.

وقوله: فيحاذي الحجر الأسود بكله: يدل على أنه لا ينبغي أن يتقدم نحو الركن اليماني، فيبتدئ من قبل الحجر، فإن هذا بدعة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم ابتدأ طوافه من الحجر الأسود، فكونك تبتدئ من قَبْلِ الحجر بدعة وتنطع في دين الله، فلا ينبغي أن يخطو الإنسان خطوة واحدة قبل الحجر الأسود، بل يبتدئ من الحجر.

قوله: ويستلمه، أي: يمسحه بيده، لفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم" انتهى من الشرح الممتع (7/ 232).

فتبين بهذا أنه لا حرج في بدء الطواف قبل الحجر بخطوات، إذا كان الطائف بعيدا عن الحجر؛ ليتيقن من صحة طوافه.

وننبه على أنه كلما بعُد الطائف عن الحجر اتسعت نقطة المحاذاة، كما نبه على ذلك العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله، وهذا شأن كل ما استُقبل، فحوصل العلم بالمحاذاة للحجر أمر يسير.

وينظر: "العلامة الشرعية لبداية الطواف ونهايته" للعلامة بكر بن عبد الله أبو زيد،  ص  30

والله أعلم.
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب