الحمد لله.
أولا :
من نذر أن يطيع الله وجب عليه الوفاء بهذا النذر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ رواه البخاري (6202) .
فكان على والد زوجتك الوفاء بهذا النذر ، وما دام قد توفي ولم يف بالنذر ، فيبقى الوفاء بالنذر متعلقا بالتركة ، ويكون دينا على الميت .
والأفضل في ديون الميت التعجيل بأدائها ، حتى استحب العلماء أن يكون ذلك قبل الصلاة عليه، لأن نفس المؤمن ممنوعة من دخول الجنة حتى تؤدى عنه ديونه .
قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (4/40): " ( ويجب أن يسارع في قضاء دينه ، وما فيه إبراء ذمته ؛ من إخراج كفارة ، وحج نذر ، وغير ذلك ) ، كزكاة ، ورد أمانة ، وغصب ، وعارية ؛ لما روى الشافعي وأحمد والترمذي وحسنه ، عن أبي هريرة مرفوعاً : ( نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه ) ..
( كل ذلك ) أي قضاء الدين وإبراء ذمته , وتفريق وصيته ( قبل الصلاة عليه )" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"قوله : " ويجب الإسراع في قضاء دينه " ، أي دين الميت ، سواء كان هذا الدين لله ، أو للآدمي .
فالدين لله مثل: الزكاة ، والكفارة ، والنذر ، وما أشبه ذلك .
والدين للآدمي : كالقرض ، وثمن المبيع ، والأجرة ، وضمان تالف ، وغير هذا من حقوق الآدميين فيجب الإسراع بها بحسب الإمكان ، فتأخيرها حرام" انتهى، "الشرح الممتع"(5/260) .
ولكن ما دام هناك عذر للتأخير وهو عدم استطاعة بيع شيء من التركة ، فإن الدين يبقى متعلقا بالتركة حتى تباع .
ولا يلزم أولاده أن يقترضوا من أجل الوفاء بالنذر ، لأن ذلك كان واجبا على أبيهم وليس عليهم ، لكن .. إن فعلوا ذلك فهو إحسان منهم إليه ، ومبادرة منهم في أداء ديونه ، فنرجو أن يثيبهم الله تعالى على ذلك.
لكن بشرط أن من يستدين منهم، يغلب على ظنه الوفاء؛ مثل أن يكون له مال يرجوه عن قريب، أو نحو ذلك؛ وإلا، فليس لهم أن يستدينوا، ليوفوا بنذر الميت، وتتعلق نفوسهم هم بدين، قد لا يقدرون على وفائه.
وأولى من ذلك؛ أن يكلفوا أزواجهم ما لا يلزمه، أو يشقوا عليهم بطلب المشاركة في قضاء نذر والدهم، ويستحيوهم على ذلك، من غير مبادرة منهم؛ فلا يحل مال امرئ مسلم، لا الزوج، ولا غيره؛ إلا بطيب نفس منه.
والله أعلم .
تعليق