الثلاثاء 23 جمادى الآخرة 1446 - 24 ديسمبر 2024
العربية

إذا ماتت الشاة دون تذكية فهل تترك للحيوانات لأكلها؟

510640

تاريخ النشر : 12-06-2024

المشاهدات : 1812

السؤال

الحيوان الذي يموت بدون تزكية أي ذبح، وتترك للكلاب لأكلها، هل لصاحبها صدقة بهذا الإطعام؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا مات الحيوان، فإنه ينبغي التخلص منه وعدم إبقائه؛ لئلا يتأذى الناس من منظره ورائحته، فإما أن يدفن، أو يعطى للبلدية ليتصرفوا فيه.

ولا حرج في إطعامه للحيوانات غير المأكولة كالكلاب والقطط، أو للأسود ونحوها من السباع التي في "حديقة الحيوان".

قال النووي رحمه الله في "المجموع" (4/ 448): " وله إطعام العسل المتنجس للنحل، والميتة للكلاب والطيور الصائدة وغيرها، وإطعام الطعام المتنجس للدواب.

هذا مذهبنا، وبه قال عطاء ومحمد بن جرير" انتهى.

وقال رحمه الله: " يجوز إطعام الميتة للجوارح، ولا يجوز بيعها " انتهى من "المجموع" (9/ 285).

وقال الدردير في "الشرح الكبير" (1/ 60): " (لا نجس) فلا ينتفع به، إلا جلد الميتة المدبوغ على ما مر، أو ميتة تطرح لكلاب" انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " يباح إطعام الميتة للبُزاة والصقور، وإلباس الدابة للثوب النجس، وكذلك الاستصباح بالدهن النجس في أشهر قولي العلماء، وهو أشهر الروايتين عن أحمد. وهذا لأن استعمال الخبائث فيها يجري مجرى الإتلاف، ليس فيه ضرر " انتهى من "مجموع الفتاوى" (21/ 83).

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن: معلبات طعام للقطط التي تحتوي على لحم خنزير، هل يجوز شراؤها وإطعامها للقطط ؟

فأجاب : " إذا كان ذلك بشراءٍ للمعلبات فلا يجوز ، لأنه لا يجوز دفع ثمن لحم الخنزير وشراؤه. وإن كان وجده مرمياً، فأطعمه قطته: فلا بأس بذلك ، والله أعلم" .

انظر: سؤال رقم: (5231).

وعليه؛ فإذا ماتت شاة، فلا حرج أن تعطى أو تترك لتأكلها الكلاب ونحوها، بشرط عدم الأذى، وذلك إما بنقلها إلى محل بعيد عن الناس، أو أخذها وإعطائها للحيوانات لتأكلها دون تأخير.

وإن أمكن الانتفاع بجلد الميتة، بأخذه ودبغه، جاز؛ لما روى مسلم (363) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: تُصُدِّقَ عَلَى مَوْلَاةٍ لِمَيْمُونَةَ بِشَاةٍ فَمَاتَتْ فَمَرَّ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلَّا أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا فَدَبَغْتُمُوهُ فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ؟  فَقَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ فَقَالَ: إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا.

وعن ميمونة رضي الله عنها قالت: " مَرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَجُرُّونَ شَاةً لَهُمْ مِثْلَ الْحِمَارِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا؟ قَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ .

رواه أبوداود (4126)، والنسائي (4248)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".

ثانيا:

يجوز أن تعطى الميتة للكلاب ونحوها، على نية الصدقة عن صاحبها، أو راعيها، أو عنه وعن والديه؛ لأن الإنسان يؤجر على ما يعطيه للحيوان؛ لما روى البخاري (2466)، ومسلم (2244) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: بَيْنَا رَجُلٌ بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنْ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي ، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأ خُفَّهُ مَاءً فَسَقَى الْكَلْبَ ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ ، فَغَفَرَ لَهُ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّه ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا ؟ فَقَالَ : فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ .

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (14/ 241): " (في كل كبد رطبة أجر) معناه في الإحسان إلى كل حيوان حي بسقيه ونحوه أجر، وسمي الحي ذا كبد رطبة؛ لأن الميت يجف جسمه وكبده.

ففي هذا الحديث الحث على الإحسان إلى الحيوان المحترم، وهو ما لا يؤمر بقتله.

فأما المأمور بقتله، فيمتثل أمر الشرع في قتله.

والمأمور بقتله: كالكافر الحربي والمرتد والكلب العقور والفواسق الخمس المذكورات في الحديث، وما في معناهن.

وأما المحترم: فيحصل الثواب بسقيه، والإحسان إليه أيضا، بإطعامه وغيره، سواء كان مملوكا أو مباحا، وسواء كان مملوكا له أو لغيره. والله أعلم" انتهى.

ومن تصدق عن والديه أو عنه وعن والديه، نفعهم ذلك؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ: إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ رواه مسلم (1631).

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (1/ 89): "الصدقة تصل إلى الميت، وينتفع بها؛ بلا خلاف بين المسلمين" انتهى.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب