الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

هل يجوز سداد الرسوم الجامعية بنسبة من الراتب بعد التخرج هي أكثر من الرسوم الحالية؟

521464

تاريخ النشر : 06-08-2024

المشاهدات : 905

السؤال

أريد أن أدرس في جامعة خاصة، الجامعة الخاصة ليست حكومية، ويدفع الطالب هناك كل شهر مبلغا معينا لأجل الدراسة، كرسوم الجامعة، للدفع طرق عديدة يخير الطالب بينها، إما أن يدفع مبلغا كل شهر، أو أن يدفع المبلغ بعد تخرجه بنسبة معينة من راتبه في وقت معين بالتقسيط، المشكلة هنا أنه إذا دفع الطالب الرسوم شهريا فسيكون بعد تخرجه قد دفع إجمالا مثلا ٥٠٠٠٠، أما إذا اختار أن تُأخذ نسبة من راتبه بعد تخرجه قد يصل المبلغ الإجمالي إلى أزيد من ٥٠٠٠٠، مثلا ٧٠٠٠٠، أو ٨٠٠٠٠، فهل يعد ذلك من البيعتين في البيعة؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

دفع رسوم الدراسة بعد التخرج مقسطة، فيه تفصيل:

1-فإن كان الاتفاق أنه إن دفع أثناء الدراسة، فيدفع كذا في الشهر، بما مجموعه 50 ألفا مثلا، وإن دفع مقسطا بعد التخرج فإنه يدفع 70 ألفا، أو يدفع كل شهر كذا، بما مجموعه 70 ألفا، فلا حرج أن يختار الطالب نظام التقسيط، ولا حرج في كون الأجرة المقسطة أكثر من الأجرة الحالة.

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن البيع بالتقسيط:

" أولاً: تجوز الزيادة في الثمن المؤجل عن الثمن الحال، كما يجوز ذكر ثمن المبيع نقداً، وثمنه بالأقساط لمدد معلومة، ولا يصح البيع إلا إذا جزم العاقدان بالنقد أو التأجيل. فإن وقع البيع مع التردد بين النقد والتأجيل بأن لم يحصل الاتفاق الجازم على ثمن واحد محدد، فهو غير جائز شرعاً" انتهى من "مجلة المجمع" (ع 6 ج 1 ص 193).

وقد أجاز جمهور العلماء البيع بالتقسيط، ولو كان الثمن فيه أكثر من الثمن في البيع الحال، وعللوا بأن الزمن له حصة في الثمن، ولا دَين هنا حتى تمنع الزيادة.

2-إذا تم الاتفاق على الدراسة، دون اختيار نظام من نظامي الدفع، فهذا داخل في البيعتين في بيعة المنهي عنه كما سيأتي.

3-إذا استقرت رسوم معينة في ذمة الطالب، لم يجز الزيادة عليها لأجل تأخره.

فلو اختار النظام الأول مثلا، وهو الدفع شهريا، ثم تعثر في السداد، لم يجز تحويله إلى النظام الثاني؛ لأن الرسوم وقدرها 50 ألفا مثلا أصبحت دينا في ذمته، فلا يجوز أن يزاد عليها لأجل التأخر، فهذا ربا محرم.

ثانيا:

النهي عن بيعتين في بيعة، ثابت فيما روى أحمد (9584)، والنسائي (4632)، والترمذي (1231) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ. وصححه الألباني في "صحيح النسائي".

ورواه أبو داود (3461) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوِ الرِّبَا وحسنه الألباني.

وفُسر ذلك ببيع العينة، وبقوله: بعني دارك، على أن أبيعك داري أو أؤجرك داري.

وفسر بأن يبيعه نقدا بكذا، ومؤجلا بكذا، ويتفرقا مع عدم الجزم بأحدهما.

قال الخطابي رحمه الله: " وتفسير ما نهي عنه من بيعتين في بيعة على وجهين: أحدهما أن يقول بعتك هذا الثوب نقداً بعشرة، ونسيئة بخمسة عشر، فهذا لا يجوز؛ لأنه لا يدري أيهما الثمن الذي يختاره منهما فيقع به العقد، وإذا جهل الثمن بطل البيع" انتهى من "معالم السنن" (3/ 123).

وهذه الصورة هي التي ترد هنا.

فيحرم أن يتعاقد الطالب على الدراسة دون اختيار طريق من طريقي الدفع، بأن يترك الأمر على احتمال: أن يسدد كل شهر، أو أن يؤخر السداد إلى بعد التخرج، بل يجب الجزم بطريق منها.

قال الدكتور وهبة الزحيلي رحمه الله: " البيع لأجل أو بالتقسيط:

أجاز الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة وزيد بن علي والمؤيد بالله والجمهور: بيع الشيء في الحال لأجل، أو بالتقسيط بأكثر من ثمنه النقدي، إذا كان العقد مستقلاً بهذا النحو، ولم يكن فيه جهالة بصفقة أو بيعة من صفقتين أو بيعتين، حتى لا يكون بيعتان في بيعة.

قال ابن قدامة في المغني: البيع بنسيئة ليس بمحرم اتفاقاً ولايكره.

فإذا تم الاتفاق في الحال على شراء هذه الآلة أو السلعة بألف ومئة لأجل أو بالتقسيط، مع أن سعرها النقدي ألف، جاز البيع وإن ذُكر في المساومة سعران: سعر للنقد وسعر للتقسيط، ثم تم البيع في نهاية المساومة تقسيطاً.

أما لو قال في عقد واحد: بعتك السلعة بألف نقداً، وبألف ومئة تقسيطاً، فقال المشتري: قبلت، ولم يحدد نوع القبول الصادر مبهماً دون تحديد مراده، أو عدم تعيين أي صفقة يريد، كان العقد باطلاً عند الجمهور، فاسداً عند الحنفية بسبب الجهالة " انتهى من "الفقه الإسلامي وأدلته" (5/ 3461).

ثالثا:

إذا اختار الطالب نظام الدفع بعد التخرج، فيجب أن يكون ما سيدفعه معلوما، إما بالإجمال كسبعين ألفا، وإما بتحديد القسط الشهري لمدة معلومة.

ولا حرج أن يؤخذ ذلك نسبة من راتب المتخرج ما دام المبلغ المتفق عليه معلوما.

فإن كان ما سيدفعه مجهولا لكونه نسبة من راتبه الذي لا يعلم الآن، فلا يجوز اختيار هذا النظام؛ لأن جهالة الأجرة تفسد العقد.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب