الحمد لله.
أولاً:
كما ذكرت آنفاً أنك وقعت في علاقة محرمة، لا ترضي الله عز وجل. ومآلات الوعود الكاذبة في هذه الأمور قد تكون وخيمة. انظر: فتوى رقم: (131006)، (265993).
ثانياً:
لا شك أنك ظالم لنفسك، وظالم لها؛ بخداعك ووعودك الكاذبة، واستمرارك باللقاء والخلوة المحرمة. قال صلى الله عليه وسلم: (وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ). رواه البخاري (1496)، ومسلم (29). فاحفظ عرض الناس، يحفظ الله عرضك.
ثالثاً:
الواجب أن تقلع عن العلاقة والخلوة المحرمة، وإذا رأيت أن نصحك مجدٍ ومفيدٌ لها، فلك أن تستخير الله وتخبرها بأنك ستقدم على نكاحها إن هي استقامت وصارت محافظة، بحيث تكون كفؤا لك في الدين على الأقل. ويجب عليك أن تكون صادقاً. والشرط الذي لا بد منه أن تكون هي مسلمة عفيفة.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: أريد أن أتزوج من شابة غير ملتزمة الالتزام التام بالإسلام، وهذه كعادة الدول الإسلامية الأخرى، هل يجب أن أضع لها شروطا قبل الزواج؟ وما هي؟
ج: "المهم أن تكون مسلمة، إذا كانت مسلمة تعبد الله وحده، ليست كافرة، فالأمر الثاني يعدّل، كوجود معصية ونحو ذلك، يمكن تعديله، إلا أن تكون غير محصنة، بل زانية، فلا تتزوجها؛ لأن الله شرط في النكاح، أن تكون محصنة: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} (المائدة /5) لا بد أن تكون محصنة، يعني عفيفة، فإذا كانت عفيفة ومسلمة، فالتعديل بعد ذلك يتم إن شاء الله، يعدل ما فيها من خلل بعد ذلك، وإذا شرط عليها أشياء من لزوم بيته، ومن القيام بخدمته، وأداء حقه ونحو ذلك، من باب الإيضاح، من باب التأكيد، فلا بأس، ولكن أهم شيء أن تكون مسلمة، فإن نكاح المسلم للكافرة غير صحيح بل باطل، ونكاح أهل الكتاب من المحصنات لا بأس به، يهودية ونصرانية، محصنة لا بأس، لكن تركها أولى، والاكتفاء بالمسلمات أولى وأولى، ولا سيما في هذا العصر، فإنهن يجذبن الزوج إلى دينهن، ويجررن أولادهن إلى دينهن، وهن الآن قويات، وكثير من الرجال ضعفاء مع النساء، فيخشى عليهم من الخطر في ذلك، فينبغي له أن يتحرى الزوجة الطيبة المحصنة المسلمة، ويكتفي بذلك ويحذر سواها"انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (21/223).
رابعاً:
إن رأيت منها استجابة لطاعة الله، بأن تحافظ على الصلاة، وعلى العفّة، فحينئذ ينبغي لك أن تقدم على زواجها إذا أدّت ما اشترطتَّ عليها وفاءً بوعدك. ولأن ذلك أنفع علاج لما وقع في نفسك من التعلق بها، ولما وقع في نفسها من التعلق بك؛ فلم يُرَ للمتحابين: مثلُ الزواج. فالنكاح هو الرباط الشرعي الوثيق، بين الرجل والمرأة؛ يدفع ما كان في نفوسهما من تلاعب الشيطان، والتعلق المحرم، بما شرع الله جل جلاله من الاجتماع الشرعي المرغوب فيه. فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَمْ يُرَ لِلْمُتَحَابِّينَ مثل النِّكَاح) رَوَاهُ ابْن مَاجَه (1847)، وصححه الألباني في "الصحيحة" (624).
قال المناوي رحمه الله: "أراد ان أعظم الأدوية التي يعالج بها العشق: النكاح، فهو علاجه الذي لا يُعدل عنه لغيره؛ إذا وجد اليه سبيلا" انتهى من "التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/301).
وقد سئلت اللجنة الدائمة فتوى رقم: (13684): أرغب أن أسأل عن امرأة مسيحية ..، وعدتها أنها متى تم إسلامها سوف أتزوجها، وقد أسلمت الآن فهل أتزوجها؟ علماً أن والدي شديد المعارضة لهذا الزواج.
الجواب : "إذا كان الأمر كما ذكر، فإنك تفي بوعدك للمرأة المذكورة، وهو أن تتزوجها، ولا عبرة بمعارضة أبيك لهذا الزواج. وبالله التوفيق" انتهى.
خامساً:
إن لم تستقم المرأة، ولم تر منها إقبالا على أدب الشرع، ورغبة في امتثال شرائعه وأحكامه؛ فابتعد عنها، وأسرع بإخبارها بذلك، ولا تُعلِّقها؛ لأن المقصود من الزواج هو الألفة والمودة والرحمة، فالتنافر الدّيني، وعدم التكافؤ: قد يُحدِث عداوة وشقاقاً. (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم/21.
والله أعلم.
تعليق