الحمد لله.
أولاً :
لا حرج على المصلي أن يقرأ بعد الفاتحة سورتين أو ثلاثاً ، سواء كان إماماً أم مأموماً ، إلا أن الإمام يفعل ذلك أحياناً لبيان الجواز ، ودون أن يطيل على المصلين ، كما يجوز هذا الفعل في الفريضة والنافلة .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءة سورتين بعد الفاتحة في كثير من الصلوات ، وسميت هذه السور بـ " النظائر " وقد جاء في الأحاديث الصحيحة ذِكرها وبيانها .
عن عمرو بن مرة قال : سمعت أبا وائل قال : جاء رجل إلى ابن مسعود فقال : قرأتُ المفصَّل الليلة في ركعة ، فقال : هَذًّا كهذِّ الشعر ؟ لقد عرفت النظائر التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن ، فذكر عشرين سورة من المفصَّل سورتين في كل ركعة . رواه البخاري (742) ومسلم (822) .
وبوَّب عليه البخاري بقوله : باب الجمع بين السورتين في الركعة .
والمفصَّل : من سورة " ق " إلى " الناس " .
والهذّ : سرعة القراءة .
وعن علقمة والأسود قالا : أتى ابنَ مسعود رجلٌ فقال : إني أقرأ المفصل في ركعة ، فقال : أهذّاً كهذ الشعر ونثرا كنثر الدقل ؟ لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ النظائر السورتين في ركعة : النجم والرحمن في ركعة ، واقتربت والحاقة في ركعة ، والطور والذاريات في ركعة ، وإذا وقعت ونون في ركعة ، وسأل سائل والنازعات في ركعة ، وويل للمطففين وعبس في ركعة ، والمدثر والمزمل في ركعة ، وهل أتى ولا أقسم بيوم القيامة في ركعة ، وعم يتساءلون والمرسلات في ركعة ، والدخان وإذا الشمس كورت في ركعة . رواه أبو داود (1396) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
والدقل : رديء التمر .
وقد قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في ركعة واحدة في قيام الليل " البقرة والنساء وآل عمران " كما نقله عنه حذيفة رضي الله ، وقد رواه عنه مسلم (772) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
ويجوز للإنسان أن يقرأ بعد الفاتحة سورتين ، أو ثلاثاً ، وله أن يقتصر على سورة واحدة ، أو يقسم السورة إلى نصفين ، وكل ذلك جائز لعموم قوله تعالى : ( فاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) المزمل/20 ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ) .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (13/السؤال رقم 500) .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
وكان صلى الله عليه وسلم - أحياناً - يجمع في الركعة الواحدة بين السورتين أو أكثر .
"صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" (ص 103– 105) وذكر الشيخ رحمه الله الأحاديث التي ورد فيها ذلك وخرّجها ، فلتنظر في الموضع المحال إليه .
ثانياً :
وأما قراءة سورة " الإخلاص " بعد كل قراءة في كل ركعة فقد ثبت ذلك عن أحد الصحابة وأقره عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو من أدلة أصل السؤال وهو قراءة سورتين في كل ركعة .
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سريَّة وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ ( قل هو الله أحد ) فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : سلوه لأي شيء يصنع ذلك ، فسألوه فقال : لأنها صفة الرحمن ، وأنا أحب أن أقرأ بها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أخبروه أن الله يحبه . رواه البخاري (6940) ومسلم (813) .
وهذا الحديث : يدل على جواز هذا الفعل ، وأما الاستحباب فلا يستحب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله ، ولم يداوم عليه ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم .
تعليق