الحمد لله.
أمر الله سبحانه الرجال أن يعاشروا أزواجهم بالمعروف , حتى وإن كانوا يكرهونهن قال تعالى : (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ) النساء/19 .
قال الإمام ابن كثير – رحمه الله: - " وقوله تعالى : ( فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيراً ) ، أي : فعَسَى أن يكون صبركم مع إمساككم لهن وكراهتهن : فيه خير كثير لكم في الدنيا والآخرة ، كما قال ابن عباس في هذه الآية : هو أن يَعْطف عليها ، فيرزقَ منها ولداً ، ويكون في ذلك الولد خير كثير ، وفي الحديث الصحيح : ( لا يَفْرَك [ أي : لا يبغضها بغضا شديدا] مؤمنٌ مؤمنةً ، إن سَخِطَ منها خُلُقا رَضِيَ منها آخر ) " .
انتهى من " تفسير ابن كثير " ( 2 / 243 ) .
ولا شك أن من المعاشرة بالمعروف التي أمر الله تعالى بها أن ينفق الزوج على زوجته , وهذا من أعظم حقوقها عليه , وقد نص الله تعالى على ذلك بقوله : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)البقرة/ 233 , وقد سبق الحديث عن وجوب نفقة الزوجة في الفتوى رقم : (3054).
وتشمل النفقة كل ما تحتاجه
الزوجة من طعام وشراب وملبس ومسكن حتى العلاج عند بعض أهل العلم , وعلى ذلك فيجب
على هذا الزوج أن ينفق على زوجه ، وأن يعالجها من مرضها ، وأن يبذل في ذلك من ماله
وجهده بقدر وسعه وطاقته ؛ فإن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها ، ولا يطالبها إلا
بما آتاها, قال تعالى : ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا )البقرة/
286 , وقال تعالى : ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا )الطلاق/
7.
وينظر جواب السؤال رقم : (83815) .
وأما ما ذكرته من أن هذا
الزوج لا يريدها أن تنام في بيته ، حتى إن أصابها ضرر لا ينسب إليه : فهذا ليس من
حقه ؛ بل واجب عليه أن يسكنها في بيته ، فإن ذلك من حقوقها عليه , وقد قال الله
تعالى في المطلقة : ( لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ )الطلاق/ 1 ، وقال أيضا
: ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ) الطلاق/ 6 .
فإذا كان هذا حق للمطلقة ؛ فهو حق للزوجة التي ما زالت في عصمة الزوج من باب أولى .
والواقع أن ما يفعله هذا
الزوج ، من إهمال زوجته ، كل هذا الإهمال ، والجفوة البالغة التي يجفوها ، بعيد كل
البعد عن الاختلاف في مسألة فقهية ، وهي : هل يلزم لزوج أن ينفق على زوجته من أجل
علاجها ؟ بل يتعدى ذلك إلى ترك العشرة بالمعروف ، والإحسان إلى الخلق ، لا سيما
الزوجة والأهل ، بل الجفوة والغلظة في المعاملة ، وترك الوفاء ، وحسن العهد مع
العشير.
عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ
لأَهْلِي ) . رواه الترمذي (3895) ، وقال : حديث حسن صحيح . وصححه الألباني
فالذي ننصح به هذا الزوج أن يحسن إلى زوجته ويتحمل مرضها ، ويحتسب ما يبذله من مال
أو تعب ، حتى يفوز عند الله تعالى ويكون من خير الناس .
وإذا كان يفعل ذلك لكونه لا يستطيع أن ينفق على علاجها فيمكنه التفاهم في ذلك مع
أهلها ، وليعلم أن الله تعالى لا يكلفه إلا بما يستطيع .
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالكم ، وأن يشفي مريضتكم .
والله أعلم.
تعليق