الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

حكم المشاركة والعمل في دفتر التوفير

تاريخ النشر : 15-03-2007

المشاهدات : 66401

السؤال

أعمل حاليا في البريد ، وبالتحديد في إدارة الحاسب الآلي ، حيث يقوم البريد بإعطاء فوائد سنوية على دفاتر التوفير الموجودة لديه على أساس إعطاء أموال المودعين لديه حسب نظام حكومي إلى بنك الاستثمار القومي حيث لا يتعامل البنك إلا مع الحكومة في تمويل مشروعاتها أو إقراض البنوك والهيئات الحكومية ثم يعيد إلينا الأموال محملة بالفوائد التي يقوم هو بتحديدها ونعطي للمودعين على حسب ما يقرر البنك ونحصل على عمولة كهيئة بريد من تلك القصة المهم أن وظيفتي هي إدخال إيصالات الإيداع والسحب الخاصة بأموال العملاء إلى جهاز الحاسب الرئيسي حيث عن طريقه نقوم بإضافة الفوائد من كل عام إلى حسابات العملاء في شهر يوليو بالإضافة إلى استخدامه في الأعمال الإدارية مثل التأكد من حسابات العملاء فهل أعتبر كاتب ربا وهل فوائد البريد حرام أم حلال مع العلم بأننا لا نعطي قروضاً والحمد لله والتوفير هو ما يصرف على الهيئة بنسبه 90% فهل أترك عملي أم أنقل إلى قسم آخر أم ليس علي حرج؟

الجواب

الحمد لله.

أولاً :
يحرم إيداع الأموال فيما يسمى بدفتر التوفير ، وذلك لأمرين :
الأول : أنه عقد يقوم على إضافة نسبة معلومة إلى رأس المال ، مع ضمان رأس المال ، فحقيقته أنه قرض بفائدة ، وقد أجمع العلماء على أن كل قرض جر نفعاً فهو ربا ، والمقرض هنا هو العميل ، والمقترض هو الهيئة القائمة على هذا الدفتر .
قال ابن قدامة رحمه الله : " وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف . قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية ، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا . وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة " المغني (6/436)
الثاني : أن البريد يضع أموال مودعيه في البنوك الربوية ، ويأخذ عليها نسبة معلومة ، يوزع جزءا منها على المودعين ، وهذا عقد ربوي آخر يقوم به البريد .
فالبريد يقترض بالربا في الصورة الأولى ، ويقرض بالربا في الصورة الثانية ، ولهذا لا يستريب مطلع على هذه المعاملة من الجزم بتحريمها ، وتحريم العمل فيها كتابةً أو شهادة أو إعانة بأي صورة من صور الإعانة .
جاء في موسوعة "فتاوى الأزهر" سؤال موجه لشيخ الأزهر السابق جاد الحق على جاد الحق رحمه الله ، عن : مسألة الفوائد التي تعطيها أو تدفعها البنوك أو الشركات على المبالغ المدفوعة لديها أو المستثمرة بمعرفتها - هل تلك الفوائد تعد ربا أم لا ؟
وجاء في جوابه بعد ذكر النصوص في تحريم الربا : " وبهذه النصوص وغيرها في القرآن والسنة يحرم الربا بكل أنواعه وصوره سواء كان زيادة على أصل الدَّين، أو زيادة في نظير تأجيل الدين وتأخير سداده ، أو اشتراط ضمان هذه الزيادة في التعاقد مع ضمان رأس المال .
لما كان ذلك ، وكانت الفوائد المسئول عنها التي تقع في عقود الودائع في البنوك ، وفى صناديق التوفير في البريد ، وفى البنوك ، وفى شهادات الاستثمار محددة المقدار بنسبة معينة من رأس المال المودع ، وكانت الوديعة على هذا من باب القرض بفائدة ، ودخلت في نطاق ربا الفضل أو ربا الزيادة كما يسميه الفقهاء وهو محرم في الإسلام بعموم الآيات في القرآن الكريم وبنص السنة الشريفة وبإجماع المسلمين : لا يجوز لمسلم أن يتعامل بها أو يقتضيها ، لأنه مسئول أمام الله عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الترمذي ونصه : ( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن عمله فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه ) والله سبحانه وتعالى أعلم " انتهى .
ثانيا :
العمل في " إدخال إيصالات الإيداع والسحب الخاصة بأموال عملاء دفتر التوفير إلى جهاز الحاسب الرئيسي " ، هو من كتابة الربا ، وقد روى مسلم (1598) في صحيحه عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ. وَقَالَ : هُمْ سَوَاءٌ .
فالواجب عليك التوبة إلى الله تعالى ، والمبادرة بترك هذا العمل ، والتحول إلى قسم آخر بعيد عن الربا ، أو ترك هذا العمل بالكلية ، فرارا من الوقوع في هذه الكبيرة العظيمة .
واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، وأن من اتقاه زاده ، وأنعم عليه ، ورزقه من حيث لا يحتسب ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2-3 .
وفقنا والله وإياك لما فيه الخير والهدى والفلاح .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب