الحمد لله.
هناك يوم فاضل في دين الإسلام اختصه الله بخصائص لم يجعله في غيره من الأيام ، وهذا اليوم هو يوم الجمعة الذي هدى الله السلمين إليه وأضل عنه اليهود والنصارى ، فهو عيد المسلمين الأسبوعي وله خصائص كثيرة نذكر منها ما يلي :
1- " كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم تعظيم هذا اليوم وتشريفه وتخصيصه بعبادات يختص بها عن غيره ، وكان يقرأ في فجره بسورتي آلم تنزيل ( السجدة ) و هل أتى على الإنسان .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : إنما كان النبي يقرأ هاتين السورتين في فجر الجمعة لأنهما تضمنتا ما كان ويكون في يومها فإنهما اشتملتا على خلق آدم ، وعلى ذكر المعاد وحشر العباد وذلك يكون يوم الجمعة وكان في قراءتهما في هذا اليوم تذكير للأمة بما كان فيه ويكون ، والسجدة جاءت تبعا ليست مقصودة حتى يقصد المصلي قراءتها حيث اتفقت فهذه خاصة من خواص يوم الجمعة .
2- استحباب كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه ، وفي ليلته لقوله : " أكثروا من الصلاة عليَّ يوم الجمعة وليلة الجمعة " أخرجه البيهقي ( 3 / 249 ) ، وحسَّنه الأرنؤوط .
3- تقام فيه صلاة الجمعة التي هي من آكد فروض الإسلام ، ومن أعظم مجامع المسلمين وهي أعظم من كل مجمع يجتمعون فيه وأفرضه سوى مجمع عرفة ، ومن تركها تهاوناً بها طبع الله على قلبه ، وقُربُ أهل الجنة يوم القيامة وسبقهم إلى الزيارة يوم المزيد بحسب قربهم من الإمام يوم الجمعة وتبكيرهم .
4- الأمر بالاغتسال في يومها وهو أمرٌ مؤكدٌ جدّاً .
5- التطيب فيه وهو أفضل من التطيب في غيره من أيام الأسبوع .
6- السواك فيه وله مزية على السواك في غيره .
7- التبكير للصلاة فيه.
8- أن يشتغل بالصلاة والذكر والقراءة حتى يخرج الإمام للخطبة.
9- الإنصات للخطبة إذا سمعها وجوباً في أصح القولين فإن تَرَكَهُ كان لاغياً ومن لغا فلا جمعة له وفي المسند مرفوعاً : " والذي يقول لصاحبه أنصت فلا جمعة له " أخرجه أحمد (2034) وحسنه الأرناؤوط ( انظر حاشية " زاد المعاد " ( 1 / 377 ) ) ، وأخرجه البخاري ( 934 ) ومسلم ( 851 ) بلفظ : " إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت " .
10- قراءة سورة الكهف في يومها فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : " من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضيء به يوم القيامة وغفر له ما بين الجمعتين " أخرجه الحاكم ( 2 / 368 ) وصححه الأرنؤوط .
11- أنه يوم عيد متكرر في الأسبوع وقد روى ابن ماجة في سننه من حديث أبي لبابة بن عبد المنذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ويوم الفطر ، فيه خمس خلال : خلق الله فيه آدم ، وأهبط فيه آدم إلى الأرض ، وفيه توفى الله آدم ، وفيه ساعة لا يسأل الله العبد فيها شيئاً إلا أعطاه ما لم يسأل حراما ، وفيه تقوم الساعة ما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا شجر إلا وهن يشفقن من يوم الجمعة " أخرجه ابن ماجه ( 1084 ) قال البوصيري : إسناده حسن ، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود ( 888 ) .
12- أنه يستحب أن يلبس فيه أحسن الثياب التي يقدر عليها فقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي أيوب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيبٍ إن كان له ، ولبس من أحسن ثيابه ثم خرج وعليه السكينة حتى يأتي المسجد ثم يركع إن بدا له ولم يؤذ أحداً ، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي كانت كفارة لما بينهما " رواه أحمد في المسند ( 23059 ) وحسنه الأرنؤوط.
وفي سنن أبي داود عن عبد الله بن سلام أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر في يوم الجمعة : " ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته " رواه أبو داود ( 1078 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " ( 953 ) .
13- أنه يستحب فيه تجمير المسجد ( أي تطيبه بالبخور) فقد ذكر سعيد ابن منصور عن نعيم بن عبد الله المُجمِر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر أن يُجمر مسجد المدينة كل جمعة حين ينتصف النهار . قلت : ولذلك سمي نعيم المُجْمر .
14- أنه يوم تكفير السيئات ففي صحيح البخاري عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ، ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى "رواه البخاري ( 843 ) .
15- أنَّ فيه ساعة الإجابة وهي الساعة التي لا يسأل الله عبدٌ مسلمٌ فيها شيئاً إلا أعطاه ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّ في الجمعة لساعة لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ وهو قائم يصلي يسأل شيئاً إلا أعطاه إياه ، وقال بيده يقللها " رواه البخاري ( 883 ) ومسلم ( 1406 ) .
17- أنَّ فيه الخطبة التي يقصد بها الثناء على الله وتمجيده ، والشهادة له بالوحدانية ولرسوله بالرسالة ، وتذكير العباد بأيامه وتحذيرهم من بأسه ونقمته ووصيتهم بما يقربهم إليه وإلى جنانه ونهيهم عما يقربهم من سخطه وناره فهذا هو مقصود الخطبة والاجتماع لها .
18- أنه اليوم الذي يُستحب أن يتفرغ فيه للعبادة وله على سائر الأيام مزية بأنواع من العبادات واجبة ومستحبة ، فالله سبحانه جعل لأهل كل ملة يوماً يتفرغون فيه للعبادة ويتخلون فيه عن أشغال الدنيا ، فيوم الجمعة يوم عبادة ، وهو في الأيام كشهر رمضان في الشهور ، وساعة الإجابة فيه كليلة القدر في رمضان ، ولهذا من صَحَ له يوم جمعته وسَلِمْ سَلِمَتْ له سائر جمعته ، ومن صح له رمضان وسَلِمْ سَلِمَتْ له سائر سنته ، ومن صحت له حَجَتُه وسلمت له صح له سائر عمره ، فيوم الجمعة ميزان الأسبوع ، ورمضان ميزان العام ، والحج ميزان العمر وبالله التوفيق .
19- أنه اليوم الذي ادخره الله لهذه الأمة ، وأضلَّ عنه أهل الكتاب قبلهم كما في الصحيح من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما طلعت الشمس ولا غربت على يوم خيرٍ من يوم الجمعة ، هدانا الله له وضل الناس عنه ، فالناس لنا فيه تبع هو لنا ولليهود يوم السبت وللنصارى يوم الأحد " رواه أحمد ( 10305 ) ، وصححه ابن خزيمة ( 3 / 114 ) .
20- أنه خِيْرَةُ الله من أيام الأسبوع كما أن شهر رمضان خِيْرَتُهُ من شهور العام ، وليلة القدر خيرته من الليالي ، ومكة خيرته من الأرض ، ومحمد خيرته من خلقه " .
انظر " زاد المعاد " ( 1 / 375 ) .
أما السؤال الثاني : وهو عن مناسبات المسلمين فهي متعددة ومنها :
1- شهر رمضان المبارك ، وهو شهر له خصائص تجدها في السؤال رقم ( 13480 ) .
2-عيد الفطر ، وهو اليوم الأول من شهر شوال ، يظهر المسلمون فيه الفرح بنعمة الله عليهم بإتمام صيام شهر رمضان .
3-يوم عرفة وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة ، وهو يوم الحج الأكبر ، وركن الحج الأعظم ، وله فضائل تجدها في السؤال رقم ( 7284 ) .
4-يوم عيد الأضحى قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أعظم الأيام عند الله يوم النحر ) أخرجه أبو داود(1765) وصححه الألباني كما في صحيح سنن أبي داود (1/133) وهو اليوم العاشر من شهر ذي الحجة . فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الإِسْلامِ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ " رواه الترمذي ( 704 ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي ( 620 ) .
تعليق