الحمد لله.
إن الإيمان ينقص بترك الواجبات وفعل المحرمات ، ومادمت تؤدي حق الله وتراعي حرماته فلا يضرك انطواؤك عن الناس ولا خوفك منهم . فإن منعك هذا الخوف من القيام بشيء من الواجبات لحقك الإثم بذلك ، كأن يمنعك الخوف من حضور صلاة الجماعة في المسجد ، أو إنكار ما تستطيع إنكاره من المنكرات بلسانك أو يدك ، أو بذل النصيحة المتعينة عليك لمن يستحقها.
ولا ينبغي لك أن تستسلم لهذه المخاوف ولا أن ترضى بها ، بل فتش عن أسبابها واجتهد في علاجها ، ولعل مما يعينك على ذلك أن تعلم أن المخلوق لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، بل لو اجمتمعت الأمة على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف .
فالأمر كله بيد الله تعالى ، وهو الأحق بخوفك ورجائك ، ورغبك ورهبك ، كما أن ذم الناس لا قيمة ولا وزن له ، ويكفي المؤمن أن ينال رضا الله تعالى ولو سخط عليه جميع الناس .
ومن استقام على أمر الله تعالى واعتصم به فهو أعز الناس ؛ فإن الله تعالى كتب العزة لعباده المؤمنين ، كما قال تعالى : ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) المنافقون / 8
وينبغي أن تظهر آثار هذه العزة على المؤمن في قوله وفعله وسائر مواقفه ، يصدع بالحق ويجهر به ، وينصح ويذكر ويعظ ، يرضى لله ويغضب له ، ويتمعر وجهه حين تُنتهك حرماته .
ويتم هذا ويكمل بمعرفة الإنسان لوظيفته ودوره في هذه الحياة ، فإنه مأمور بعبادة الله تعالى ، وتبليغ دينه ونشره قدر استطاعته ، وهذا يحتاج إلى مخالطة الناس والصبر على أذاهم ، لا سيما الأقارب والأرحام ، وفي الحديث الذي رواه الترمذي (1307) وابن ماجة ( 4032) عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم " والحدث صححه الألباني في صحيح الجامع برقم 6651
ولعلك تبدأ في التعرف على رفقة صالحة تأنس إليها ، وتأمن جانبها ، تعينك على التغلب على مشاعر الخوف والتوجس من الناس ، وتجد فيها ما افتقدته فيمن حولك من صدق الإخاء ، وحسن العشرة ، ووضوح الهدف ، ونبل المقصد .
وننصحك أخي السائل بعرض نفسك على طبيب مختص بالأمراض النفسية فلعله يساعدك على إيجاد حل لمشكلتك .
نسأل الله لك التوفيق والسداد .
تعليق