الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

حكم الوصية بمنع بعض الأبناء من الإرث

السؤال


أود أن أعرف هل يجوز للشخص أن يمنع أحد أبنائه من الإرث حيث أنه حصل بينه وبين صهره بعض المشاكل، وهل يمكن أن يكون ذلك عذرا يمنع به إحدى بناته من الإرث ؟
وهل لشخص له عشرة أبناء أن يعطي أحدهم أكثر من الآخرين ؟ في حين أنه لا زال حيا كأن يكتب باسمه بيتا أو أرضا . ويقول بأن ذلك ليس حراما لأن هذا ماله وليس لأحد شأن فيه ؟!

الجواب

الحمد لله.


لا تجوز هذه الوصية لمخالفتها لمقتضى الشرع و العدل الذي أمر الله به - خاصة بين الأولاد
قال الله تعالى : ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا(7) النساء
ثمّ قال عزّ وجلّ : ( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ءَابَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا(11) النساء
ثمّ هدّد الله تعالى الذين يخالفون قسمته في الميراث ويتلاعبون في ذلك بقوله سبحانه : ( وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ(14) النساء
فمن منع بعض أولاده من الميراث أو أعطاهم أقلّ من حقّهم أو زاد آخرين أكثر من حقّهم الشّرعي أو أدخل من ليس بوارث في الميراث فهو عاصٍ آثم مرتكب لكبيرة من الكبائر ، وكذلك لا تجوز الوصيّة لوارث لأنّ له حقّا شرعيا محددّا وذلك لما رواه أحمد وأبو داود والترمذي - رحمهم الله - عن أبي أمامة - رضى الله عنه - أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : " إن الله قد أعطى كل
ذي حق حقه فلا وصية لوارث " . سنن الترمذي 2046
فإن ثبت ثبوتا شرعيا ما يوجب كفر بعض الأولاد كترك الصلاة حال وفاة الأب فإنه لا إرث لهم وإن لم يوص بذلك لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا يرث المسلم الكافر والكافر المسلم " متفق على صحته .
أمّا إعطاء بعض الأولاد عطيّة دون الآخرين بدون سبب شرعي فهو حرام وظلم أيضا ويوغر صدور الإخوان بعضهم على بعضهم والدليل على التحريم ما رواه البخاري ومسلم رحمهما الله عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن أباه أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال : إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي فقال عليه الصلاة والسلام : " أكل ولدك نحلته مثل هذا ؟ فقال : لا . قال فأرجعه " . ولفظ مسلم فقال : " اتقوا الله واعدلوا في أولادكم " . فرجع أبي في تلك الصدقة .
وفي رواية عنه رضي الله عنه قَالَ انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي فَقَالَ أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ قَالَ لا قَالَ فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي ثُمَّ قَالَ أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً قَالَ
بَلَى قَالَ فَلا إِذًا . مسلم 3059
أمّا إن كانت العطيّة لأحد الأولاد لسبب شرعي كفقره أو دين عليه أو نفقة علاجه فلا حرج في ذلك ، والله تعالى أعلم ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الشيخ محمد صالح المنجد