حكم زيادة قوة محرك السيارة
سؤالي له عدة محاور وأحب أن أوضحها حيث إنها من الأمور المعاصرة التي نعاني منها وهي : انتشر في الآونة الأخير بين الشباب بشكل كبير وانتشار ، وهو القيام بزيادة قوة محرك السيارة ( الهيدرز ,,الخ ) أو استبداله بمحرك أقوى من السابق من نوع آخر ، وأيضاً أصبحت بعض وكالات السيارات تقوم بإنزال نوعيات من السيارات مزودة ، وتحتوي (الهيدرز) ، وهي منتشرة بشكل كبير ، ومسموح لها بذلك ، ومستخدموها هم عده فئات : - بعض الأشخاص يستخدمه للاشتراك في الراليات والمسابقات المحلية والخارجية بتنسيق من جهات حكومية ، وبعضهم يحتاج له في الرحلات البرية ( القنص ، الصيد...الخ ) ، والبعض يستخدمه لحب الظهور والتنافس فيما بينهم في السباقات والتحديات .
الآن ما حكم من يقوم بتزويد محرك سيارته ؟ وبالنسبة لصاحب الكراج الذي يقوم بمساعدة هؤلاء الأشخاص في عمل الزيادات المطلوبة منه في سياراتهم من دون إخبارهم له بحاجتهم لها ، هل عليه شيء ؟
وجزاكم الله خيرا ، وبارك بكم ، وزادكم الله من فضله .
الجواب
الحمد لله.
زيادة قوة محركات السيارات ينطوي على مفسدتين اثنتين :
الأولى : الإسراف المكروه : وهو من أسوأ المظاهر التي نراها في بعض المجتمعات ، وهي
ظاهرة خطيرة على مستوى الأفراد والبلاد ، ولا يمكن تجاوز آثارها السيئة إلا بتضافر
جهود الناس والمسؤولين وولاة الأمور ، كي نحفظ نعمة الله تعالى علينا بشكرها
وتقديرها ، وليس بامتهانها وتبذيرها فيما لا ينفع ولا يفيد .
يقول الله عز وجل : ( وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ
السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا . إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ
الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا )
الإسراء/ 26 ، 27 ، ويقول سبحانه
وتعالى : ( يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا
وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ )
الأعراف/ 31 ،
وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا فِي
غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ )
رواه النسائي ( 2559 ) ، وحسَّنه الألباني
في " صحيح النسائي " .
المفسدة الثانية : ما تجره سرعة السيارات من خطر عظيم على الأرواح والممتلكات ، حيث
تكثر الحوادث ، ويزداد الأذى الذي يسببه بعض السائقين بسياراتهم ، بتحركاتهم
المريبة المزعجة ، وتنافساتهم فيما بينهم ، ولا شك أن من أخطر ما تواجهه المجتمعات
اليوم ، حوادث السيارات التي تسبب الموت أو العجز أو المرض ، والأعداد المرتفعة
للحوادث سببها الرئيسي السرعة الزائدة .
لذلك ، فهذه دعوة إلى المسؤولين عن تنظيم قطاع المرور والنقل إلى إعادة النظر في
القوانين المرورية ، كي تأخذ بأيدي الناس نحو العافية والسلامة : العافية من
الإسراف والتبذير المقيتين ، والسلامة في الصحة والبدن ، وكل منهما من المقاصد
الشرعية المهمة .
نستنتج مما سبق أن الحكم الشرعي لزيادة قوة محركات السيارات – زيادة خارجة عن
المعتاد – : هو التردد بين الكراهة والتحريم ، وهذا الحكم يشمل الزيادة لأجل
المشاركة في مسابقات السيارات ، أو لأجل الخروج في البر للقنص والصيد ، أو للزينة
والشهرة والمفاخرة ، فكلها تشترك في علة الإسراف فيما لا ينبغي ، وكلها تنطوي على
مخاطرة في سلامة الأموال والأبدان .
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى حرمة الإسراف ، وليس الكراهة فقط ، وذلك أدعى للمرء أن
يتورع عن الوقوع فيه .
قال المرداوي – رحمه الله - :
وأما الإسراف في المباح : فالأشهر لا يحرم ، قاله في الفروع ، وحرمه الشيخ تقي
الدين – أي : ابن تيمية - .
" الإنصاف " ( 1 / 473 ) .
وفي فتاوى اللجنة الدائمة " ( 21 / 150 ) :
" الإنفاق من المال إذا زاد عن مقدار الحاجة فقد يكون محرما ، وقد يكون مكروها .
انتهى باختصار .
وانظر جواب السؤال رقم ( 85345
) .
والله أعلم