الحمد لله.
لا حرج في وضع الزهور والأوراق وفسائل الشجر في دورات المياه ، بشرط ألا يكون في ذلك إسراف أو تبذير ، وكلاهما مذموم ، قال الله تعالى : ( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ) الإسراء/29 ، وهذا نهي عن البخل ، وعن الإسراف .
وقال سبحانه : ( وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأنعام/141
وقال : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ) الإسراء/26، 27
والسَّرَف : الإكثار من صرف المال في المباحات . والتبذير : صرفه في أمور لا تنبغي .
قال العسكري :
قيل: التبذير: إنفاق المال فيما لا ينبغي . والإسراف: صرفه زيادة على ما ينبغي.
وبعبارة أخرى : الإسراف: تجاوز الحد في صرف المال، والتبذير: إتلافه في غير موضعه ، وهو أعظم من الإسراف ، ولذا قال تعالى: ( إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ) .
قيل: وليس الإسراف متعلقا بالمال فقط ، بل بكل شيء وضع في غير موضعه اللائق به ؛ ألا ترى أن الله سبحانه وصف قوم لوط بالإسراف لوضعهم البذر في غير المحرث ، فقال : ( إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) الأعراف/81 ، ووصف فرعون بالإسراف بقوله : ( إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ) الدخان/آية31
ثم قال :
( ويستفاد من بعض الأخبار أن الإسراف على ضربين : حرام ، ومكروه .
فالأول : مثل إتلاف مال ونحوه فيما فوق المتعارف .
والثاني : إتلاف شيء ذي نفع بلا غرض ، ومنه إهراق ما بقي من شرب ماء الفرات ونحوها خارج الماء ) انتهى من : الفروق اللغوية ، ص ( 114-115) .
وانظر أيضا : وقال في "فيض القدير" (1/50) ، الموسوعة الفقهية الكويتية (4/176)
ومن صور الإسراف : أن يشتري الإنسان شيئا للزينة بمئات الريالات ، لأن الزينة مشروعة ، لكن دفع المال الكثير فيه إسراف مذموم .
ومن صور التبذير : شراء شيء لا قيمة له ، أو لا بقاء له ، بمبالغ كبيرة .
وهذا ـ كالذي قبله ـ داخل في إضاعة المال التي نهى عنها الشرع : ( إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاثًا : قِيلَ وَقَالَ ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ) رواه البخاري (1477) ومسلم (593) .
والمهم أن يحذر الإنسان من الأمرين ، وأن يعلم أن المال نعمة ينبغي المحافظة عليها ، وأنه مسئول غدا عن هذا المال : ( مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ) ، كما في سنن الترمذي (2416) ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
نسأل الله السلامة بمنه وكرمه .
والله أعلم .
تعليق