الحمد لله.
الجواب :
لهذا التعامل ثلاث صور :
الأولى : أن يقوم والدك بشراء البضاعة لنفسه من الشركة الماليزية ، ثم يبيعها
للعملاء في باكستان .
فهذه تجارة لا شائبة فيها ، وكلُّ ما يتحصل عليه من أرباح فهو ملك له ، ولا علاقة
له بالسعر الذي تبيع به الشركة الماليزية ، لكنه لا يجوز له أن يخبر المشتري بسعر
الشركة الماليزية إلا إذا كان صادقا في ذلك ؛ بمعنى أنه إذا طلب منه أحد العملاء
فاتورة الشراء من الشركة الماليزية ، أو أن يعرفه بسعر شرائه منها ، ثم يعطيه بناء
على ذلك نسبة معقولة من الربح ، فهذا من بيوع الأمانة ، لا يحل له أن يخبر بسعر غير
السعر الحقيقي .
الثانية : أن يكون والدك مجرد وكيل
لهذه الشركة ، يقوم بتسويق منتجاتها حسب الأسعار المحددة من الشركة ، مقابل عمولة
يأخذها على حسب بيعه ، أو راتب ثابت يأخذه منها .
ففي هذه الحال لا يحق له أن يبيع للعملاء بغير السعر المحدَّد من الشركة ، ولا يحل
له أخذ الربح الزائد لنفسه ، لما في ذلك من الخيانة للشركة الموكِّلة له ، وما فيه
من الغش والخداع للعملاء ، حيث يوهمهم ببيع منتجات هذه الشركة بأسعارها الرسمية ،
بينما الواقع خلاف ذلك .
وقد قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا ) رواه
مسلم (101).
وفي " الموسوعة الفقهية " (45/42) : " إِذَا قَيَّدَ الْمُوَكِّل وَكِيلَهُ
بِقُيُودٍ مُعَيَّنَةٍ ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَلْتَزِمَ بِهَا عِنْدَ تَنْفِيذِ
الْوَكَالَةِ ، بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ ". انتهى
وفي "فتاوى اللجنة الدائمة"(14/264) : " الوكيل أمين ، فلا يحل أن يأخذ شيئاً من
الثمن إلا بإذن المُوكِّل ، فإذا سمح فلا بأس ، وإلا فيجب عليه أن يعيد له بقية
المال ". انتهى.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء عن رجل يبيع لرجل بضاعته ، وهذا الرجل يزيد
في الثمن ، ويأخذ هو الزيادة ، فما حكم من يفعل ذلك ؟
فأجابوا : " الذي يبيع البضاعة يعتبر وكيلاً لصاحب البضاعة ، وهو مؤتمن عليها وعلى
ثمنها ، فإذا أخذ شيئاً من الثمن بدون علم صاحب البضاعة كان خائناً للأمانة ، وما
أخذه حرام عليه " . انتهى . "فتاوى اللجنة الدائمة" (14/274) .
وينظر جواب السؤال (9386) ، (98439) .
الثالثة : أن يكون وكيلا للشركة ، إلا
أنها قد اتفقت معه على أنه إن باع بأكثر من الثمن المحدد ، فالزيادة له .
فهذه الصورة محل خلاف بين العلماء ، والأقرب أنه لا حرج فيها .
قال ابن قدامة رحمه الله: " إذَا قَالَ : بِعْ هَذَا الثَّوْبَ بِعَشْرَةٍ ، فَمَا
زَادَ عَلَيْهَا ، فَهُوَ لَك ، صَحَّ ، وَاسْتَحَقَّ الزِّيَادَةَ ... وكَانَ ابْن
عَبَّاسٍ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا ". انتهى ، "المغني" (5/108).
وسُئل الإمام أحمد : عمن يدفع الثوب إلى رجل ، فيقول : بعه بكذا وكذا ، فما ازددت
فهو لك؟
قال: " لا بأس به ". انتهى ، "مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه" (6/ 2566).
وينظر جواب السؤال (9386) ، (121386) .
والله أعلم .