الحمد لله.
فجمهور العلماء على أن هذا الشرط باطل
، لا يلزم الوفاء به ؛ لأنه مخالف لمقتضى عقد البيع ، إذ مقتضى البيع والتمليك : أن
المالك يبيع ملكه على من شاء.
وذهب بعض العلماء إلى أن هذا الشرط صحيح ، إذا ترتب عليه تحقيق غرض مقصود للبائع ،
وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية .
قال شيخ الإسلام: " وَأُصُولُ أَحْمَد وَنُصُوصُهُ تَقْتَضِي جَوَازَ شَرْطِ كُلِّ
تَصَرُّفٍ فِيهِ مَقْصُودٌ صَحِيحٌ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَنْعٌ مِنْ غَيْرِهِ ".
انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/ 169).
وقال : " وَكَذَلِكَ جَوَّزَ أَنْ يَشْتَرِطَ بَائِعُ الْجَارِيَةِ وَنَحْوِهَا
عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يَبِيعُهَا لِغَيْرِ الْبَائِعِ ، وَأَنَّ
الْبَائِعَ يَأْخُذُهَا إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي بَيْعَهَا بِالثَّمَنِ
الْأَوَّلِ ، كَمَا رَوَوْهُ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَامْرَأَتِهِ زَيْنَبَ
". انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/170).
وقال : " وَعَلَى هَذَا فَمَنْ قَالَ : هَذَا الشَّرْطُ يُنَافِي مُقْتَضَى
الْعَقْدِ ، قِيلَ لَهُ : يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ الْمُطْلَقِ ، أَوْ
مُقْتَضَى الْعَقْدِ مُطْلَقًا؟
فَإِنْ أَرَادَ الْأَوَّلَ: فَكُلُّ شَرْطٍ كَذَلِكَ.
وَإِنْ أَرَادَ الثَّانِيَ: لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ ؛ وَإِنَّمَا الْمَحْذُورُ: أَنْ
يُنَافِيَ مَقْصُودَ الْعَقْدِ ، كَاشْتِرَاطِ الطَّلَاقِ فِي النِّكَاحِ ، أَوْ
اشْتِرَاطِ الْفَسْخِ فِي الْعَقْدِ.
فَأَمَّا إذَا شَرَطَ مَا يُقْصَدُ بِالْعَقْدِ : لَمْ يُنَافِ مَقْصُودَهُ ، هَذَا
الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ ، بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ ، وَالسُّنَّةِ ،
وَالْإِجْمَاعِ ، وَالِاعْتِبَارِ ، مَعَ الِاسْتِصْحَابِ ، وَعَدَمِ الدَّلِيلِ
الْمُنَافِي".
انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/137) .
وما ذهب إليه شيخ الإسلام قول وجيه ، وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين أيضاً ، حيث قال : " الصحيح أن في ذلك تفصيلاً ، وهو إن كان شرط عدم البيع لمصلحة تتعلق بالعاقد أو بالمعقود عليه ، فإن الصحيح صحة ذلك ". انتهى من "الشرح الممتع" (8/ 243).
والحاصل : أنه لا يجوز لهم بيع هذه
المساكن إذا أعطيت لهم على سبيل الانتفاع بها ، أو بيعت لهم مع شرط عدم بيعها
لغيرهم .
والله أعلم .