الحمد لله.
أولاً :
لم يكن لوالدكم الحق في أن يتصرف في الأرض ، ولا بجزء منها ، بيعاً ، ولا تأجيراً ، كما ذكرتم أنه قانون الدولة ، ولم يكن يحل له مخالفته ؛ لأنهم أذنوا له بالانتفاع بالأرض دون تملكها ، والبيع والتأجير فرع عن التملك .
والأصل وجوب الالتزام بالشرط الذي بينه وبين الدولة ، حيث مكَّنته من الانتفاع بها دون بيعها أو تأجيرها ، وهو شرط مُلزم .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِم ) رواه أبو داود ( 3594 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
وفي " الموسوعة الفقهية " ( 35 / 238 ) :
"قد يُلزم الإنسان نفسه بأمرٍ ، فيلزمه ذلك شرعاً ، إن لم يخالف الشّرع , بمعنى : أنّ الشّرع جعل التزامه سبباً للزوم , ومن ذلك :
أ. العقد , فإذا عقدا بينهما عقداً : لزمهما حكمه , كعقد البيع مثلاً ، يلزم به انتقال ملكيّة المبيع إلى المشتري , وملكيّة الثّمن إلى البائع , وكعقد الإجارة يلزم به الأجير العمل , ويلزم المستأجر الأجرة .
ومن هذا القبيل أيضاً : كل شرطٍ صحيحٍ التزمه العاقد في العقد , فيلزمه ؛ وذلك لقول اللّه تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ) , وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : ( المسلمون على شروطهم )" انتهى .
وإذا كان المشتري يعلم أنها ليست ملكاً لوالدكم – كما ذكرتم – فلا يجوز له شراؤها .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
"إذا تيقن الإنسان من كون السلعة المعروضة للبيع أنها مسروقة ، أو مغصوبة ، أو أن مَن يعرضها لا يملكها ملكاً شرعيّاً ، وليس وكيلاً في بيعها : فإنه يحرم عليه أن يشتريها ؛ لما في شرائها من التعاون على الإثم والعدوان ، وتفويت السلعة على صاحبها الحقيقي ؛ ولما في ذلك من ظلم الناس ، وإقرار المنكر ، ومشاركة صاحبها في الإثم ، قال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/ 2" انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 13 / 82 ) .
وأما بالنسبة لما وقع ، وكيفية إنهاء هذا النزاع ، فيرجع في ذلك إلى القضاء ، لأن الحكم في مثل هذا النزاع يحتاج إلى معرفة تفاصيل ما وقع ، ومعرفة تفاصيل القانون الذي به تعطي الدولة لبعض مواطنيها هذه المنحة .
والله أعلم
تعليق