حكم احتراف لعبة كرة القدم ، وتقليد اللاعبين في طريقة اللعب
أنا مسلم وأحب لعب كرة القدم العادية وليست المنظمة ، أنوى أن أحترف لعبة كرة القدم فى المستقبل إن شاء الله ، ولكنني سأتركها إن شاء الله إذا تعارضت مع صلواتى ، أو أن تسببت لي في أن أشرك .
وسؤالى هو : أنا احاول التمرن لكرة القدم كل يوم ، وأقلد بعض اللاعبين فى أسلوب لعبهم ، وأصبحت مبدئيا أشبههم كلاعب لكرة القدم ، وليس كشخص .
فهل من الشرك أن اتبع شخصا فى أمور ليست دينية وحيث لا يتاح فيها إرشاد ديني ؟
الجواب
الحمد لله.
لا حرج في ممارسة لعب كرة القدم كرياضة من الرياضات النافعة للبدن المقوية له ،
ولكن يشترط لممارسة هذه اللعبة شروط سبق بيانها في الفتوى رقم : (84291)
.
وهذا بالنظر إلى اللعبة في حد ذاتها ، وأما أن تجعل لها مباريات ، وتبذل فيها
الأموال ، ويشغل بها الناس ، وتضيع لأجلها الأوقات ، ويتحزب الناس لأجلها ، ويُمجّد
بها الكفار والفجار ، حتى يغدو اللاعب مثلا للأبناء والبنات ، فهذا لا شك في منعه
وتحريمه.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله : " الأصل في مثل هذه الألعاب الرياضية الجواز
إذا كانت هادفة وبريئة ، كما أشار إلى ذلك ابن القيم في "كتاب الفروسية" وذكره
الشيخ تقي الدين ابن تيمية وغيره ، وإن كان فيها تدريب على الجهاد والكر والفر
وتنشيط للأبدان ، وقلع للأمراض المزمنة وتقوية للروح المعنوية ، فهذا يدخل في
المستحبات إذا صلحت نية فاعله ، ويشترط للجميع أن لا يضر بالأبدان ولا بالأنفس ،
وأن لا يترتب عليه شيء من الشحناء والعداوة التي تقع بين المتلاعبين غالباً ، وأن
لا يشغل عما هو أهم منه ، وأن لا يصد عن ذكر الله وعن الصلاة .
ولكن من تأمل حالة أهل الألعاب الرياضية اليوم وسبر ما هم عليه ، وجدهم يعملون من
الأعمال المنكرة ما يقتضي النهي عنها ، علاوة على ما في طبيعة هذه الألعاب من
التحزبات وإثارة الفتن والأحقاد والضغائن بين الغالب والمغلوب ، وحزب هذا وحزب ذاك
، كما هو ظاهر ، وما يصاحبها من الأخطار على أبدان اللاعبين نتيجة التصادم والتلاكم
، فلا تكاد تنتهي لعبتهم دون أن يصاب أحد منهم بكسر أو جرح أو إغماء ، ولهذا يحضرون
سيارة الإسعاف .
ومن ذلك : أنهم يزاولونها في أوقات الصلاة مما يترتب عليه ترك الصلاة أو تأخيرها عن
وقتها.
ومن ذلك : ما يتعرض له اللاعبون من كشف عوراتهم المحرمة ، وعورة الرجل من السرة إلى
الركبة ، ولهذا تجد لباسهم إلى منتصف الفخذ ، وبعضهم أقل من ذلك ، ومعلوم أن الفخذ
من العورة ، لحديث : " غط فخذك فإن الفخذ من العورة " [ وراه الترمذي (2797) وصححه
الألباني ] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي :" لا تكشف فخذك ولا تنظر فخذ حي
ولا ميت " [ رواه أبو داود (4015) ] . والله أعلم "
انتهى من "فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" ج 8 سؤال : 1948
وقد سبق الحديث عن حكم احتراف لعبة " كرة القدم" في الفتوى رقم :(
75644).
وأما تقليد اللاعبين فنقول :
لا شك أن اللاعبين المحترفين المشهورين في مجال هذه اللعبة على غير الجادة بل هم –
في الغالب الأعم - إما كفار على غير دين الإسلام وإما فسَّاق , والتشبه بالكفار
والفساق في لباسهم وعاداتهم وخصائصهم التي يتميزون بها لا يجوز؛ لما أخرجه أبو داود
برقم (4031) عن ابن عمر، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من تشبه بقوم
فهو منهم ).
قال القاري: " أي من شبه نفسه بالكفار مثلا في اللباس وغيره ، أو بالفساق أو الفجار
أو بأهل التصوف والصلحاء الأبرار ( فهو منهم ) أي في الإثم والخير"
انتهى من " مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " (7 / 2782) .
أما التشبه باللاعبين في أسلوب اللعب وفيما عندهم من مهارات فقط ، فهذا لا حرج فيه
ولو كانوا كفارا أو فساقا, لأن هذا ليس من خصائصهم التي يتميزون بها , ولم يقصد
التشبه بذواتهم ، أو ما هم عليه من دين وخلق .
جاء في " حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح " (1 / 336): " التشبه
بأهل الكتاب لا يكره في كل شيء ؛ فإننا نأكل كما يأكلون ، ونشرب كما يشربون ؛ وإنما
الحرام التشبه بهم فيما كان مذموما ، وما يقصد به التشبه " انتهى .
وقال ابن عابدين " وكراهة التشبه بأهل البدع مقرر عندنا أيضا ، لكن لا مطلقا، بل في
المذموم وفيما قصد به التشبه بهم " انتهى من " الدر المختار وحاشية ابن عابدين " (6
/ 753).
والله أعلم .