الحمد لله.
لا حرج في ممارسة لعب كرة القدم كرياضة من الرياضات النافعة للبدن المقوية له ، ولكن يشترط لممارسة هذه اللعبة شروط سبق بيانها في الفتوى رقم : (84291) .
وهذا بالنظر إلى اللعبة في حد ذاتها ، وأما أن تجعل لها مباريات ، وتبذل فيها الأموال ، ويشغل بها الناس ، وتضيع لأجلها الأوقات ، ويتحزب الناس لأجلها ، ويُمجّد بها الكفار والفجار ، حتى يغدو اللاعب مثلا للأبناء والبنات ، فهذا لا شك في منعه وتحريمه.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله : " الأصل في مثل هذه الألعاب الرياضية الجواز إذا كانت هادفة وبريئة ، كما أشار إلى ذلك ابن القيم في "كتاب الفروسية" وذكره الشيخ تقي الدين ابن تيمية وغيره ، وإن كان فيها تدريب على الجهاد والكر والفر وتنشيط للأبدان ، وقلع للأمراض المزمنة وتقوية للروح المعنوية ، فهذا يدخل في المستحبات إذا صلحت نية فاعله ، ويشترط للجميع أن لا يضر بالأبدان ولا بالأنفس ، وأن لا يترتب عليه شيء من الشحناء والعداوة التي تقع بين المتلاعبين غالباً ، وأن لا يشغل عما هو أهم منه ، وأن لا يصد عن ذكر الله وعن الصلاة .
ولكن من تأمل حالة أهل الألعاب الرياضية اليوم وسبر ما هم عليه ، وجدهم يعملون من الأعمال المنكرة ما يقتضي النهي عنها ، علاوة على ما في طبيعة هذه الألعاب من التحزبات وإثارة الفتن والأحقاد والضغائن بين الغالب والمغلوب ، وحزب هذا وحزب ذاك ، كما هو ظاهر ، وما يصاحبها من الأخطار على أبدان اللاعبين نتيجة التصادم والتلاكم ، فلا تكاد تنتهي لعبتهم دون أن يصاب أحد منهم بكسر أو جرح أو إغماء ، ولهذا يحضرون سيارة الإسعاف .
ومن ذلك : أنهم يزاولونها في أوقات الصلاة مما يترتب عليه ترك الصلاة أو تأخيرها عن وقتها.
ومن ذلك : ما يتعرض له اللاعبون من كشف عوراتهم المحرمة ، وعورة الرجل من السرة إلى الركبة ، ولهذا تجد لباسهم إلى منتصف الفخذ ، وبعضهم أقل من ذلك ، ومعلوم أن الفخذ من العورة ، لحديث : " غط فخذك فإن الفخذ من العورة " [ وراه الترمذي (2797) وصححه الألباني ] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي :" لا تكشف فخذك ولا تنظر فخذ حي ولا ميت " [ رواه أبو داود (4015) ] . والله أعلم "
انتهى من "فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" ج 8 سؤال : 1948
وقد سبق الحديث عن حكم احتراف لعبة " كرة القدم" في الفتوى رقم :( 75644).
وأما تقليد اللاعبين فنقول :
لا شك أن اللاعبين المحترفين المشهورين في مجال هذه اللعبة على غير الجادة بل هم – في الغالب الأعم - إما كفار على غير دين الإسلام وإما فسَّاق , والتشبه بالكفار والفساق في لباسهم وعاداتهم وخصائصهم التي يتميزون بها لا يجوز؛ لما أخرجه أبو داود برقم (4031) عن ابن عمر، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من تشبه بقوم فهو منهم ).
قال القاري: " أي من شبه نفسه بالكفار مثلا في اللباس وغيره ، أو بالفساق أو الفجار أو بأهل التصوف والصلحاء الأبرار ( فهو منهم ) أي في الإثم والخير"
انتهى من " مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " (7 / 2782) .
أما التشبه باللاعبين في أسلوب اللعب وفيما عندهم من مهارات فقط ، فهذا لا حرج فيه ولو كانوا كفارا أو فساقا, لأن هذا ليس من خصائصهم التي يتميزون بها , ولم يقصد التشبه بذواتهم ، أو ما هم عليه من دين وخلق .
جاء في " حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح " (1 / 336): " التشبه بأهل الكتاب لا يكره في كل شيء ؛ فإننا نأكل كما يأكلون ، ونشرب كما يشربون ؛ وإنما الحرام التشبه بهم فيما كان مذموما ، وما يقصد به التشبه " انتهى .
وقال ابن عابدين " وكراهة التشبه بأهل البدع مقرر عندنا أيضا ، لكن لا مطلقا، بل في المذموم وفيما قصد به التشبه بهم " انتهى من " الدر المختار وحاشية ابن عابدين " (6 / 753).
والله أعلم .
تعليق