بحثت في موقعكم وغيره من المواقع عن مسألة حكم السائل (الإفرازات) الخارج من المرأة فما ازددت إلا حيرة، أريد أن أعرف ما إذا كان يجب على المرأة التي يخرج منها السائل (الإفرازات) خلال اليوم أن تغير ملابسها الداخلية ، وأن تغسل نفسها، وتجدد وضوءها لكل صلاة ؟ وما الدليل؟ إن كان الأمر هكذا فالمشقة ظاهرة خصوصاً عندما أكون في الخارج أو في الجامعة، ولن أسلم من الإحراج بالطبع، وأرجو ملاحظة أن كثافة ولون هذا السائل يتغير خلال الشهر. وما حكم السائل (الإفرازات) الخارج أثناء تخيل الحياة الزوجية؟ قد لا ينطوي الأمر على تخيل وضعيات جنسية محددة، ومع هذا يخرج شيء من السائل، فما حكمه، وهل هو سائل طبيعي أم بسبب التخيل، وماذا يجب على المرأة أن تفعل بعد ذلك؟ وما نصيحتكم لمن يعاني من الوساوس المتعلقة بالوضوء، حتى مع عدم تذكره لأي شيء ناقض؟ ولمن يشك دائماً في عدد ركعات الصلاة وأنه أنقص منها؟ ولمن يشك بأنه نسي أن يغسل عضواً من أعضاء الوضوء؟ ولمن تشك بخروج شيء من السائل فتذهب للتأكد، فلا تجد شيئاً، وقد تجد أحياناً؟ وهل يجب عليها الذهاب للتأكد باستمرار، أم التوجه للوضوء دون أن تتأكد؟ وفي بعض الأحيان قد لا تجد شيئاً على الملابس الداخلية، لكنها قد تضع يدها على فرجها فتشعر ببلل هناك، فما العمل في مثل هذه الحالة؟
الحمد لله.
ذهب جمهور العلماء إلى أن هذه الإفرازات وهي التي تسمى رطوبة فرج المرأة، طاهرة، وليست بنجسة، ولكنها تنقض الوضوء .
ولا توجب هذه الإفرازات الغسل عند أحد من العلماء، حسب ما نعلمه .
وعلى ذلك: فلا يلزمك تغيير ملابسك لأجل هذه الإفرازات، وإن كان الأفضل التحفظ منها، قدر الطاقة، بوضع منديل، أو حفائظ، أو نحو ذلك، إذا كان ذلك ممكنا .وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: (50404) .
ما يخرج من المرأة أو الرجل عند مقدمات الشهوة، كالتفكير واللمس ونحوها، يسمى المذي، وهو سائل شفاف لزج .والمذي نجس ويوجب الوضوء، ويجب غسل ما أصابه من الجسد، ولكن يُخفف في أمر الملابس، فيُكتفى برشها بالماء فقط . ينظر جواب السؤال رقم: (81774) .
الذي يعاني من الوسوسة في الوضوء والصلاة ... علاج ذلك بأمرين:
كثرة ذكر الله تعالى ودعائه والاستعاذة به من الشيطان الرجيم .
الإعراض الكامل عن هذه الوسوسة وعدم الالتفات إليها ولا التفكير فيها .
فإذا وسوس لك الشيطان بأنك أخطأت في عدد الركعات فابني على غلبة الظن ولا تسجدي للسهو، لأن العلماء قالوا: الموسوس لا يسجد للسهو، لأنه في واقع الأمر تكون صلاته صحيحة ولكن الشيطان هو الذي أوقعه في الشك والحيرة
وكذلك إذا وسوس لك بأنك لم تغسلي عضوا من أعضاء الوضوء، فلا تلتفتي إلى هذا الشك ولا تعملي به .
وإذا كان هذا الشك بعد الفراغ من الوضوء والصلاة، فإنه لا يعمل به، ولا يلتفت إليه .
ومثل ذلك أيضا: إذا وسوس لك بأنه قد خرج منك بعض الإفرازات فلا تلتفتي إلى ذلك ولا تذهبي لتتحققي، وما دامت هذه الإفرازات تخرج أحيانا وأحيانا أخرى لا تخرج، فلست على يقين من خروجها، فلا يلزمك التحقق، بل إن ذلك يفتح بابا من أبواب الوسواس .
وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عن رجل يشعر أنه خرج منه شيء، فأمره أن يتلهى عنه . أي: يشغل ذهنه عن ذلك ولا يفكر فيه، ولم يأمره بأن يذهب ليتحقق، لأن ذلك استجابة للوسواس وعمل به .
وهذه الإفرازات طاهرة ليست نجسة . ويترتب على ذلك: أنه لا يجب غسل الثياب ولا البدن منها، ولا يجب الاستنجاء منها، ويجوز الوضوء مع وجودها على البدن والثياب . ولا يجب تغيير الثياب، لأنها طاهرة ليست نجسة .
أما نقضها للوضوء، فقد ذهب إلى ذلك أكثر العلماء، وقالوا: إذا خرجت فقد نقضت الوضوء، وإذا كانت المرأة تستمر عليها هذه الإفرازات ولا تنقطع فلابد أن تتوضأ لكل صلاة، قياسا على استمرار خروج دم الاستخاضة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم: (أمر المرأة المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة) .
وليس في هذا مشقة شديدة لا يحتملها الإنسان .
وإذا فرض أنك في الجامعة أو غيرها، فلا يطلب منك إلا الوضوء فقط، بدون تغيير للثياب أو غسلها أو غسل للبدن وذلك لا يسبب لك إحراج ولا مشقة شديدة .
وهذا كله إنما هو في الإفرازات الطبيعية التي تخرج بطبيعتها بدون سبب .
أما الإفرازات التي تخرج بسبب تخيل الحياة الزوجية، فهذه تسمى "المذي"، وهو ناقض للوضوء كالإفرازات السابقة، ولكن يختلف معها في أنه نجس، فيجب الاستنجاء منه، لكن الشرع خفف في كيفية تطهير الثياب منه، فاكتفى برش كف من ماء على موضعه من الثياب، ولم يأمر بغسلها أو تغييرها .
والنصيحة لك ألا تسترسلي مع الوساوس، فإنها لا حقيقة لها، وعلاجها بكثرة ذكر الله تعالى والإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها، ولا العمل بها ؛ فإنها متى تمكنت من العبد، أفسدت عليه دينه ودنياه . وينظر جواب السؤال رقم: (148426) .
والله أعلم .