الحمد لله.
ما ذكرته السائلة الكريمة يرجع إلى نوع من الوسواس ، وإلا فالطهارة والصلاة أمرهما يسير ، ولا تحتاجان هذا العناء ، فدين الله تعالى يسر لا حرج فيه ، كما قال تعالى : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) الحج/78 ، وقال : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )البقرة/15
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ) رواه البخاري (39).
وعلاج ما تعانين منه بثلاثة أمور :
الأول : الاستمرار والمداومة على ذكر الله تعالى .
الثاني : اللجوء إليه سبحانه وسؤاله الشفاء والعافية من هذا البلاء .
الثالث : الإعراض التام عما يدعو إليه الوسواس . فإذا قضيت حاجتك ، واستنجيت ، فقومي ، ولا تلتفتي إلى كون يدك لمست مكانا طاهرا بعد لمس النجاسة ، ولا إلى تطاير ماء الاستنجاء على قدمك أو جسمك ، لأن الأصل الطهارة ، والشك في تنجس جسمك أو ملابسك ، لا يؤثر ، ولتعلمي أن بدنك وثيابك ، ومكان صلاتك ، بل وغير ذلك من الأشياء طاهرة ، فتبقى على حكم الطهارة حتى نتأكد من تنجّسها ، وأما الشك والأوهام والوساوس فلا يلتفت إليه وانظري جواب السؤالين (62839) ، (25778) .
وحصول الإنقاء وزوال النجاسة يكون بغسل الفرج ، ولا يلزم غسل ما حوله ، ولا تلتفتي إلى الماء المتطاير كما سبق ، وكوني على يقين من أنك طاهرة والحمد لله ، وأن صلاتك بهذه الطهارة صحيحة مقبولة بإذن الله ، فإن الله رحيم كريم ، يرحم عباده المذنبين ، فكيف بالطائعين المحبين .
وأما العزم على قطع الوضوء أو الصلاة ، فلا يضرك ذلك أيضا ، بل تجاهلي هذا الخاطر ، واستمري في وضوئك وصلاتك ؛ لأنه لا مبرر لقطع العبادة ، وإنما هذا من الوسوسة ، وهي لا تؤثر على عبادتك والحمد لله . فمهما جاءك الخاطر بقطع العبادة أو إعادتها فلا تلتفتي لذلك ، واستمري فيها ، وسلي الله تعالى قبولها ، لأنك بذلت ما في وسعك ، وأديت ما عليك ، والله سبحانه لا يكلف نفسا إلا وسعها .
فاعملي بهذه النصيحة ، واستمري عليها ، ودعي عنك الوسواس فإنه من كيد الشيطان ، وكيده ضعيف كما أخبر ربنا سبحانه ، وثقي بأنك إن أعرضت عن الوسوسة زالت عنك ، بحول الله وقوته .
نسأل الله تعالى أن يوفقك لطاعته ، وأن يسعدك بعبادته ، وأن يصرف عنك ما تجدين .
والله أعلم .
تعليق