الحمد لله.
ثانيا :
كل مكلف ممن تصيبه هذه الفتنة ، تصيبه بعد موته ، على أي صفة كان حاله ، سواء دفن
في المقابر أو لم يدفن ، أو دفن كله أو بعضه ، وسواء مات على فراشه ، أو غرق في
البحر ، أو حُرّق أو قُطّع أو أكلته السباع ، في أي مكان ، وعلى أية صفة.
قال النووي رحمه الله : " قال أصحابنا (أي الشافعية): لا يمنع من سؤال الملكين
وعذاب القبر : كون الميت قد تفرقت أجزاؤه ، كما نشاهد في العادة ، أو أكلته السباع
أو حيتان البحر ، أو نحو ذلك، فكما أن الله تعالى يعيده للحشر، وهو سبحانه وتعالى
قادر على ذلك ، فكذا يعيد الحياة إلى جزءٍ منه ، أو أجزاءٍ ، وإن أكلته السباع
والحيتان .. " .
انتهى من "شرح صحيح مسلم" (17/201) .
وقال السيوطي رحمه الله في
منظومته " أبيات التثبيت" (83) :
ويُسأل المطروح والمصلوبُ * والحي عن رؤيته محجوبُ
وقال الصنعاني رحمه الله في
شرحه على المنظومة "نظم الشتيت" :
" السؤال عام لكل هالك ، على أي صفة مات ، بالطرح ، أو بالغرق ، أو الإلقاء في
النار ، أو أكلته السباع ، أو تخطفته الطير ، لعموم أدلة السؤال .. " انتهى .
وقال الشيخ ابن باز رحمه
الله :
" القبر إما روضة من رياض الجنة، وإما حفرة من حفر النار، والعذاب والنعيم للروح
والجسد جميعا ، في القبر ، .. وهكذا في الآخرة ، في الجنة بالروح والجسد، في النار
بالروح والجسد .
أما من مات بالغرق ، ومن مات بالحرق ، ومن مات بأكل السباع، فإن الروح يأتيها
نصيبها من العذاب والنعيم، والتي جسدها في البحر ، أو بالحرق، أو في بطون السباع
يأتيه نصيبه من ذلك، على الوجه الذي يعلمه الله سبحانه وتعالى " .
انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (4/ 304) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله :
" هل هذا - يعني فتنة القبر - خاص بالمقبور لقوله: (إذا دفن الميت) أو يشمل كل ميت؟
والجواب: أن هذا ليس خاصا بالمقبور ، بل يشمل كل ميت، وقوله صلى الله عليه وسلم:
(إذا دفن الميت ... ) إلخ ، بناءً على الأغلب، وما قيد بقيد أغلبي فلا مفهوم له .
وعلى هذا : فإذا ألقي الإنسان في البر، أو القي في البحر ومات هناك، فإنه يأتيه
الملكان ويفتن " انتهى من "شرح العقيدة السفارينية" (1/ 433) .
فالميت ، سواء قبر بشكل صحيح
، أو لم يقبر ، سيأتيه الملكان ، ويفتن في قبره ، ويسأل على الوجه الذي يعلمه الله
تعالى .
والله تعالى أعلم.