زوجها مريض وهو مع ذلك يعتدي عليها بالضرب ويسب لها الدِّين فما حقوقها إذا ما فارقته ؟
تزوجت فتاه برجل به تقوس في العضو الذكرى ، ومريض بالسكر ، والضغط ، والكوليسترول ، والدهون الثلاثية ولم يخبرها بأي من هذه الامراض حتى بعد العقد ، ولكنها علمت بعد الزواج
، وهذه الامراض تؤثر تأثيرا بالغا على العلاقة الزوجية كما فهمت بعد الزواج ، طلبت منه الذهاب للطبيب ولم يوافق ، وكان يقسم لها أن هذه هي العلاقة الزوجية ، وعندما ذهبت الى الطبيبة لعده مرات متتالية بصحبته تقر الطبيبة بأنها ما زالت بكرا فيؤكد لها أن الطبيبة لا تفهم وأنها هي أيضا لا تعرف ، ثم بدأ يضربها ضربا مبرحا ، ويهينها ويشتمها ، ويسب لها الدين عدة مرات ، ومن كثرة الضرب أصابها كره له حتى أنه سبب لها ايذاءا في المنطقة التناسلية لدرجة أنها لا تستطيع عرض نفسها على طبيبة النساء من شده الخوف الذى سببه لها ، وبعد إحدى المرات التي ضربها فيها أبلغت أهلها أنها تريد العودة إلى منزلهم ، وعندما اتصل به أهلها لم يرد على هاتفهم ، فارسلوا إلى أهله يريدون عودة ابنتهم فإذا بأهله يقولون : إنه يريد طلاقها ، وأنه لم يلمسها منذ الزواج ، وأيضا يريد جميع مستحقاتها المادية حتى أنه يريد أن يدفعوا له ما انفقه عليها خلال فترة الزواج ، ويستدل على مرضها بعدم قدرة آخر طبيبة من إتمام الكشف ، علما بأنها لم تكن تكشف ، ولكنها علمت من أخته بعد ذلك أنه اتفق مع الطبيبة على أن تزيل بكارتها ، وأن تجرى لها توسيعا في مجرى التناسل استطاعت احتمال ألم التوسيع الخارجي اعتقادا منها أن الطبيبة تفحصها ، ولكن عندما بدأت بفتح البكارة صرخت : الكشف صعب ففهمت الطبيبة أن الزوج يخدع كلاهما ، فتركتها ولكن بعد أن اتسعت فتحة البكارة ، وكانت في يوم الكشف في فتره الحيض وزوجها أصر على ذهابها في هذه الفترة وقد نزل منها دماء لا تعرف هل هي دماء الحيض أم دماء البكارة .
الان هي لا تريد العودة إليه فما هي حقوقها الشرعية المادية ؟
ملخص الجواب:
والخلاصة : أنه قد وجد لديك
المسوغ الشرعي لفراق هذا الرجل ، فيجوز لك فراقه ، ولك إذا حدث الفراق : كافة حقوقك
الشرعية ، من مهر ومؤخر وغير ذلك.
والله أعلم.
الجواب
الحمد لله.
أولا:
تقوس العضو الذكري للرجل إن كان يسيراً : فالغالب أنه لا يؤثر على الجماع ، ولا
يحصل به ضرر على الزوجة ؛ ولذلك لا يثبت به حق فسخ النكاح للزوجة ، أما إن كان
التقوس فاحشا ، فقد يؤثر على الجماع ، وقد يؤثر أيضا على خصوبة الرجل ، وقد يحصل به
ضرر على المرأة أثناء عملية الجماع . فإن كان كذلك عُدَّ من العيوب التي توجب الفسخ
، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (175028).
والظاهر من حال زوجك أن هذا العيب عيب مؤثر بدليل أنه لم يقدر على إيقاع الجماع حتى
الآن ، ففي مثل هذه الحالة ينبغي عرض الأمر على أطباء متخصصين موثوقين ، فإن قرروا
أن عجز الزوج لا رجاء في شفائه أو كان الرجاء ضعيفا ، فحينئذ يحق لك فسخ النكاح
فورا دون تأجيل .
وهذا اختيار جماعة من الفقهاء : من أن الزوجة لها فسخ النكاح فورا ، جاء في "
الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف " (8 / 187): "وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ
الْأَصْحَابِ: أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ فِي الْحَالِ ، مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ فِي
التَّنْبِيهِ، وَالْمَجْدُ فِي الْمُحَرَّرِ" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إذا قرر الأطباء من ذوي الكفاءة والأمانة أنه
لن تعود إليه قوة الجماع ، فلا فائدة من التأجيل ، فلا نستفيد من التأجيل إلا ضرر
الزوجة ، فهو في الحقيقة يشبه مقطوع الذكر في عدم رجوع الجماع إليه ، فلا حاجة في
التأجيل حينئذٍ".
انتهى من " الشرح الممتع على زاد المستقنع " (12 / 207).
فإن فسخت الزوجة النكاح ، فلها حقوقها كاملة (مقدم المهر ومؤخره) ، جاء في "العناية
شرح الهداية " (4 / 300): "ولها كمال مهرها إن كان خلا بها ؛ فإن خلوة العنين صحيحة
" انتهى .
وجاء في " الموسوعة الفقهية الكويتية " (31 / 29): " زَوْجَةُ الْعِنِّينِ لَهَا
جَمِيعُ الْمَهْرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ ، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ : لَهَا
الْمَهْرُ الْمُسَمَّى عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَنُقِل عَنْ أَحْمَدَ
أَنَّ لَهَا مَهْرَ الْمِثْل، وَالْخَلْوَةُ مِنْ الْعِنِّينِ كَالْخَلْوَةِ مِنْ
أَيِّ زَوْجٍ ، تُوجِبُ عِنْدَهُمُ الْمَهْر" انتهى.
ويدخل في المهر كل ما يعد مهرا في عرفكم ، من العفش والذهب والقائمة ، ونحو ذلك ،
ويراجع جواب السؤال رقم : : (102507)
أما إن قرر الأطباء أنه يمكن علاج المرض : فلا حق للزوجة في الفسخ حينئذ ، جاء في "
المغني " لابن قدامة (7 / 201): " وَمَنْ عُلِمَ أَنَّ عَجْزَهُ عَنْ الْوَطْءِ
لَعَارِضٍ؛ مِنْ صِغَرٍ، أَوْ مَرَضٍ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ، لَمْ تُضْرَبْ لَهُ
مُدَّةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَارِضٌ يَزُولُ ، وَالْعُنَّةُ خِلْقَةٌ وَجِبِلَّةٌ لَا
تَزُولُ " انتهى.
لكن إن كرهت البقاء معه فلها طلب الطلاق منه ، فإن وافق وطلقها فلها مهرها كاملا
على الراجح ، لأن الخلوة تقرر المهر كاملا كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (193347)
.
ثانيا:
هذا الزوج غير مؤتمن على زوجته فإنه يكيد لها ويخدعها هي والطبيبة للإضرار بها
وإرغامها على البقاء معه .
وما يفعله هذا الزوج من ضرب زوجته ضربا مبرحا أمر محرم لا يجوز ، وهو ينافي ما أمر
به الله تعالى من معاشرة الأزواج بالمعروف كما دل عليه قوله تعالى (وَعَاشِرُوهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ) النساء/19 .
فمن المعاشرة بالمعروف أن يتجنب الزوج بل كل واحد من الزوجين ما يؤذي الآخر أو يضره
.
وقد نص أهل العلم على أن الزوج إذا أساء عشرة زوجته ، وآذاها بنحو الضرب والسب ،
فهذا يبيح لها طلب الطلاق منه لتدفع الضرر الواقع عليها ، وفي هذه الحالة لها
حقوقها كاملة أيضا . جاء في " شرح مختصر خليل للخرشي " (4 / 9): " إذَا ثَبَتَ
بِالْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ الزَّوْجَ يُضَارِرُ زَوْجَتَهُ ، وَهِيَ
فِي عِصْمَتِهِ ، وَلَوْ كَانَ الضَّرَرُ مَرَّةً وَاحِدَةً ؛ فَالْمَشْهُورُ
أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلزَّوْجَةِ الْخِيَارُ، فَإِنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ عَلَى هَذِهِ
الْحَالَةِ ، وَإِنْ شَاءَتْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ ،
لِخَبَرِ (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) ...... وَمِنْ الضَّرَرِ : قَطْعُ كَلَامِهِ
عَنْهَا ، وَتَحْوِيلُ وَجْهِهِ عَنْهَا، وَضَرْبُهَا ضَرْبًا مُؤْلِمًا " انتهى.
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم :(219574)
.
ثالثا:
سب الدين قد يكون كفرا ، وقد لا يكون ، على حسب نية المتكلم ، فإن قصد سب الدين
نفسه (الذي هو دين الإسلام ) فهو كافر ، وإن قصد سب الشخص الذي يخاطبه فلا يكفر
بهذا . وتنظر الفتوى رقم : (79067) .
فإن سب الزوج دين الإسلام فإنه يفرَّق بينه وبين زوجته من دون طلاق ، فلا يكون
طلاقاً بل تحرم عليه لأنها مسلمة وهو كافر ، فإن تاب وهي في العدة رجعت إليه من دون
حاجة إلى عقد جديد ، وأما إذا انتهت العدة وهو لم يتب فإن النكاح ينفسخ بينهما ،
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (148427).