الحمد لله.
أولا:
تقوس العضو الذكري للرجل إن كان يسيراً : فالغالب أنه لا يؤثر على الجماع ، ولا يحصل به ضرر على الزوجة ؛ ولذلك لا يثبت به حق فسخ النكاح للزوجة ، أما إن كان التقوس فاحشا ، فقد يؤثر على الجماع ، وقد يؤثر أيضا على خصوبة الرجل ، وقد يحصل به ضرر على المرأة أثناء عملية الجماع . فإن كان كذلك عُدَّ من العيوب التي توجب الفسخ ، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (175028).
والظاهر من حال زوجك أن هذا العيب عيب مؤثر بدليل أنه لم يقدر على إيقاع الجماع حتى الآن ، ففي مثل هذه الحالة ينبغي عرض الأمر على أطباء متخصصين موثوقين ، فإن قرروا أن عجز الزوج لا رجاء في شفائه أو كان الرجاء ضعيفا ، فحينئذ يحق لك فسخ النكاح فورا دون تأجيل .
وهذا اختيار جماعة من الفقهاء : من أن الزوجة لها فسخ النكاح فورا ، جاء في " الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف " (8 / 187): "وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ فِي الْحَالِ ، مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ، وَالْمَجْدُ فِي الْمُحَرَّرِ" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إذا قرر الأطباء من ذوي الكفاءة والأمانة أنه لن تعود إليه قوة الجماع ، فلا فائدة من التأجيل ، فلا نستفيد من التأجيل إلا ضرر الزوجة ، فهو في الحقيقة يشبه مقطوع الذكر في عدم رجوع الجماع إليه ، فلا حاجة في التأجيل حينئذٍ".
انتهى من " الشرح الممتع على زاد المستقنع " (12 / 207).
فإن فسخت الزوجة النكاح ، فلها حقوقها كاملة (مقدم المهر ومؤخره) ، جاء في "العناية شرح الهداية " (4 / 300): "ولها كمال مهرها إن كان خلا بها ؛ فإن خلوة العنين صحيحة " انتهى .
وجاء في " الموسوعة الفقهية الكويتية " (31 / 29): " زَوْجَةُ الْعِنِّينِ لَهَا جَمِيعُ الْمَهْرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ ، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ : لَهَا الْمَهْرُ الْمُسَمَّى عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَنُقِل عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ لَهَا مَهْرَ الْمِثْل، وَالْخَلْوَةُ مِنْ الْعِنِّينِ كَالْخَلْوَةِ مِنْ أَيِّ زَوْجٍ ، تُوجِبُ عِنْدَهُمُ الْمَهْر" انتهى.
ويدخل في المهر كل ما يعد مهرا في عرفكم ، من العفش والذهب والقائمة ، ونحو ذلك ، ويراجع جواب السؤال رقم : : (102507)
أما إن قرر الأطباء أنه يمكن علاج المرض : فلا حق للزوجة في الفسخ حينئذ ، جاء في " المغني " لابن قدامة (7 / 201): " وَمَنْ عُلِمَ أَنَّ عَجْزَهُ عَنْ الْوَطْءِ لَعَارِضٍ؛ مِنْ صِغَرٍ، أَوْ مَرَضٍ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ، لَمْ تُضْرَبْ لَهُ مُدَّةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَارِضٌ يَزُولُ ، وَالْعُنَّةُ خِلْقَةٌ وَجِبِلَّةٌ لَا تَزُولُ " انتهى.
لكن إن كرهت البقاء معه فلها طلب الطلاق منه ، فإن وافق وطلقها فلها مهرها كاملا على الراجح ، لأن الخلوة تقرر المهر كاملا كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (193347) .
ثانيا:
هذا الزوج غير مؤتمن على زوجته فإنه يكيد لها ويخدعها هي والطبيبة للإضرار بها وإرغامها على البقاء معه .
وما يفعله هذا الزوج من ضرب زوجته ضربا مبرحا أمر محرم لا يجوز ، وهو ينافي ما أمر به الله تعالى من معاشرة الأزواج بالمعروف كما دل عليه قوله تعالى (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) النساء/19 .
فمن المعاشرة بالمعروف أن يتجنب الزوج بل كل واحد من الزوجين ما يؤذي الآخر أو يضره .
وقد نص أهل العلم على أن الزوج إذا أساء عشرة زوجته ، وآذاها بنحو الضرب والسب ، فهذا يبيح لها طلب الطلاق منه لتدفع الضرر الواقع عليها ، وفي هذه الحالة لها حقوقها كاملة أيضا . جاء في " شرح مختصر خليل للخرشي " (4 / 9): " إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ الزَّوْجَ يُضَارِرُ زَوْجَتَهُ ، وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ ، وَلَوْ كَانَ الضَّرَرُ مَرَّةً وَاحِدَةً ؛ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلزَّوْجَةِ الْخِيَارُ، فَإِنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ ، وَإِنْ شَاءَتْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ ، لِخَبَرِ (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) ...... وَمِنْ الضَّرَرِ : قَطْعُ كَلَامِهِ عَنْهَا ، وَتَحْوِيلُ وَجْهِهِ عَنْهَا، وَضَرْبُهَا ضَرْبًا مُؤْلِمًا " انتهى.
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم :(219574) .
ثالثا:
سب الدين قد يكون كفرا ، وقد لا يكون ، على حسب نية المتكلم ، فإن قصد سب الدين نفسه (الذي هو دين الإسلام ) فهو كافر ، وإن قصد سب الشخص الذي يخاطبه فلا يكفر بهذا . وتنظر الفتوى رقم : (79067) .
فإن سب الزوج دين الإسلام فإنه يفرَّق بينه وبين زوجته من دون طلاق ، فلا يكون طلاقاً بل تحرم عليه لأنها مسلمة وهو كافر ، فإن تاب وهي في العدة رجعت إليه من دون حاجة إلى عقد جديد ، وأما إذا انتهت العدة وهو لم يتب فإن النكاح ينفسخ بينهما ، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (148427).
تعليق