الحمد لله.
أولا:
سبق في جواب السؤال رقم : (149415) بيان وجوب التصدق بشيء من الأضحية.
ثانيا:
المسلم إذا همّ بفعل الحسنة ولم يفعلها؛ فهو مأجور.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: قَالَ: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ ... رواه البخاري (6491)، ومسلم (131).
وعَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ الْأَسَدِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا، فَعَلِمَ اللهُ أَنَّهُ قَدْ أَشْعَرَهَا قَلْبَهُ، وَحَرَصَ عَلَيْهَا، كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً رواه الإمام أحمد في "المسند" (31 / 383)، وحسن اسناده محققو المسند.
ويتأكد ذلك إذا منعه من إتمام ما عزم عليه من الخير ، عذر خارج عن إرادته.
فعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ، فَقَالَ: إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا، إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ، حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ رواه مسلم (1911) وفي رواية له: إِلَّا شَرِكُوكُمْ فِي الْأَجْرِ ، وروى نحوه البخاري (2839) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
قال ابن رجب رحمه الله تعالى:
" الهم بالحسنات، فتكتب حسنة كاملة، وإن لم يعملها، كما في حديث ابن عباس وغيره...
ومتى اقترن بالنية قول أو سعي، تأكد الجزاء، والتحق صاحبه بالعامل ... " انتهى من "جامع العلوم والحكم" (2 / 319 - 320).
ولمزيد الفائدة طالعي جواب السؤال رقم: (178524).
وهذا واضح ، من حيث الأجر، إن شاء الله .
وأما من حيث الضمان: فإنه لا يجب عليه أن يضمن شيئا من اللحم الذي تلف، أو فسد ؛ لأنه مؤتمن عليه ، فإذا تلف ما في يده ، من غير تفريط ، ولا تقصير: فلا شيء عليه، ولا ضمان.
قال البهوتي، رحمه الله:
" (وإن عَيَّن أُضحية ، أو هَديا ، فسُرق بعد الذبح : فلا شيء عليه .
وكذا إن عيَّنه عن واجب في الذمة، ولو) كان وجوبُه في الذمة (بالنذر) ، بأنه نذر هَدْيا ، أو أُضحية ، ثم عَيَن عنه ما يُجزئ، ثم ذبحه، فسرق: فلا شيء عليه؛ لأنه أمانة في يده، ولم يتعدَّ، ولم يُفرط؛ فلم يضمن، كالوديعة.
(وإن تلفت) المعيَّنة ، هديا كانت ، أو (أضحية، ولو قبل الذبح، أو سرقت، أو ضلت قبله) أي: الذبح: (فلا بدل عليه، إن لم يفرط)؛ لأنه أمين" انتهى من "كشاف القناع" (3/13).
وقال زين الدين ابن المنجَّى، رحمه الله:
" أما عدم وجوب شيء على من سُرقت أضحيته بعد ذبحها : فلأنها أمانة في يده ، فلم تُضمن بالسرقة ، كالوديعة. " انتهى من "الممتع في شرح المقنع" (2/245).
وأما إذا فرط في تقسيمها ، حتى سرقت، أو لم يعتن بحفظ اللحم ، أو لم يبادر بقسمته حتى فسد : فإنه يضمن للفقراء حقهم فيها .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "إذا تلفِت بعد الذبح ، أو سُرقت ، أو أخذها مَن لا تُمكن مطالبته، ولم يُفرط صاحبها : فلا ضمان عليه.
وإن فرَّط : ضمن ما تجب به الصدقة منها ، فقط." . انتهى من "أحكام الأضحية" لابن عثيمين (250).
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (178524) .
فالحاصل؛
أنه ما دام قد تصدقتم بشيء من لحم الأضحية، لكن لم تدركوا التصدق بأغلبه لفساده؛ فإنه يرجى يتمم الله لكم الأجر، إن شاء الله ، ولا يلزمكم شيء بدلا عن اللحم الفاسد، ما دام قد وصل الفقراء منه شيء ، ولو كان أقل من المعتاد .
والله أعلم.