عندي مشكلة تأرقني من مدة طويلة، ولم أعرف لها حلا، ألا وهي إنني منذ أكثر من 15 عشر سنة وجدت هاتفا ضائعا من صاحبه، فأخذته، وقمت ببيعه، وبعد ذلك عرفت صاحبه، ولكن لم أتمكن حينها من أن أصارحه، وندمت أشد الندم على ذلك، وأنا اليوم أريد أن أكفر عما فعلت، ولا أعرف كيف، للعلم صاحب الهاتف يعيش الآن في دولة أخرى، ولا أعرف عنوانه، أو اسمه للتواصل معه، فكيف العمل؟
الحمد لله.
أولا :
من وجد لقطة فالواجب عليه أن يحفظها ويسأل عن صاحبها سنة كاملة، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في عدة أحاديث.
وينظر جواب السؤال رقم: (5049).
ثانيا:
الهاتف المسجل عليه أرقام هواتف، لا يحتاج إلى تعريف سنة كاملة، لأن الوصول إلى صاحبه أمر يسير، عن طريق أرقام الهواتف المسجلة عليه.
وما دمت لم تفعل ذلك فقد تعديت على صاحب الهاتف، وأخذت ماله بغير حق.
وللتوبة من ذلك: مع الندم والعزم على عدم العودة لمثل هذا مرة أخرى، يجب عليك رد الحق
إلى صاحبه.
فإن أمكن التوصل إلى صاحب الهاتف، أو الوصول إليه ولو عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي: فالواجب الاعتذار إليه، وإخباره بما تم، فإما أن يطالب بحقه، وأما يعفو يصفح.
فإن أردت الستر على نفسك بعدم إخباره بما فعلته، فإنك توصل إليه حقه بأي طريقة كانت، كما لو أعطيته لمن يوصله إليه، أو هدية له عند مقابلته ونحو ذلك.
ينظر السؤال رقم: (83099).
قال ابن القيم رحمه الله:
"فإن قيل: فما تقولون لو أهداه إليه فقبله، وتصرف فيه وهو لا يعلم أنه ماله؟
قيل: إن خاف من إعلامه به ضررا يلحقه منه: برئ بذلك، وإن لم يخف ضررا وإنما أراد المنة عليه ونحو ذلك: لم يبرأ، ولا سيما إن كافأه على الهدية، فقبل؛ فهذا لا يبرأ قطعا" انتهى من "أعلام الموقعين"(4/258).
فإن لم يمكن التوصل إلى مكانه فإنك تتصدق بثمنه عن صاحبه، ويكون ثواب الصدقة له.
فإن صادفته، أو عثرت عليه بعد ذلك، أوصلت إليه حقه، أو أخبرته بما حصل، فإما أن يقبل، والصدقة له، أو لا يقبل، فتعطيه حقه، والصدقة لك.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: إنني منذ فترة طويلة كنت أرعى الغنم وجاء بين غنمنا عناق فذبحتها أنا وراع معي وأكلناها، ثم بحثنا عن صاحبها لنعطيه ثمنها فلم نجده. فكيف توجهوننا الآن؟
فأجاب:
"عليك أن تتصدق أنت وصاحبك بقيمتها بالنية عن صاحبها إذا كانت المدة طويلة، أما إذا كانت المدة قصيرة فعليك تعريفها سنة كاملة تقول: من له العناق؟ من له العناق؟ في مجامع الناس لعلها تعرف، فمتى عرفها أحد فأعطوه قيمتها، وإذا لم تعرف فلا شيء عليكم.
وأما إن كانت المدة طويلة، وقد فات وقت التعريف، وقد نسيها صاحبها أو ذهب عن المكان أو ما أشبه ذلك؛ فالأحوط لك ولصاحبك أن تتصدقا بقيمتها بالنية عن صاحبها" انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (19/435).
وينظر جواب السؤال رقم: (212609)، ورقم: (265573).
والله أعلم.