الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

تقتني الأثاث قبل الزواج فهل يجوز ذلك ؟

103925

تاريخ النشر : 11-08-2007

المشاهدات : 16660

السؤال

لقد دأبت الفتيات في مجتمعنا ـ ومنذ حصول إحداهن على عمل أو كانت من عائلة ميسورة ـ دأبن على تجهيز أنفسهن باقتناء المفروشات وهو عبارة عن كل ما يحتاجه البيت من أغطية وسجاجيد وأيضا أواني الطبخ وآلات كهربائية إلخ .....علما بأن ذلك يحدث دون أن يكون قد تقدم لإحداهن عريس ولكنهن يفعلن ذلك من باب العادة والحث من قبل الأم والقريبات وكانت نفسي تأبى ذلك ولكن لم تكن لدي معلومات دينية عن ذلك ومن خلال متابعتي للبرامج الدينية سمعت من بعض الشيوخ قال كلاما استراحت له نفسي لقد قال : كيف تفعل الفتيات ذلك وإحداهن لا تعلم إن كانت ستعيش أم لا ؟ وإذا عاشت فهي ليست بضامنة إن كانت ستتزوج أم لا ؟ لأن الزواج رزق من عند الله يرزق به من يشاء من عباده ، فكيف تجهز الفتيات أنفسهن لشيء في علم الله وحده لا يعلم حدوثه من عدمه إلا هو سبحانه وتعالى، وكيف يشجع الأهل بناتهم على ذلك ؟ وكنت اشتريت بعض الأشياء إثر إلحاح زوجة عمي والتي أحترمها كثيرا ثم توقفت ، فما حكم هذه الأشياء ؟ وماذا أفعل فيها ؟

الجواب

الحمد لله.


اقتناء ما قد يحتاجه الإنسان في حياته جائز ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخر لأهله قوت سنتهم ، من تمر وغيره ، ففي صحيح البخاري (5357) عن عمر رضي الله عنه : (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبِيعُ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَيَحْبِسُ لِأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (9/503) : "التقييد بالسنة إنما جاء من ضرورة الواقع ، لأن الذي كان يُدَّخَر لم يكن يحصل إلا من السنة إلى السنة ، لأنه كان إما تمرا وإما شعيرا ، فلو قُدِّر أن شيئا مما يُدَّخَر كان لا يحصل إلا من سنتين إلى سنتين لاقتضى الحال جواز الادخار لأجل ذلك . والله أعلم" انتهى .
ولكن ينبغي للمسلم أن لا يتوسع في النفقات ، فلا يشتري من الأثاث ما لا يحتاج إليه ، فقد روى مسلم (2084) عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( فِرَاشٌ لِلرَّجُلِ ، وَفِرَاشٌ لِامْرَأَتِهِ ، وَالثَّالِثُ لِلضَّيْفِ ، وَالرَّابِعُ لِلشَّيْطَانِ ) .
قال النووي رحمه الله في "شرح صحيح مسلم" : "قال العلماء : معناه : أن ما زاد على الحاجة فاتخاذه إنما هو للمباهاة والاختيال والالتهاء بزينة الدنيا ، وما كان بهذه الصفة فهو مذموم ، وكل مذموم يضاف إلى الشيطان لأنه يرتضيه ويوسوس به ويحسنه ويساعد عليه ، وقيل : إنه على ظاهره ، وأنه إذا كان لغير حاجة كان للشيطان عليه مبيت ومقيل ، كما أنه يحصل له المبيت بالبيت الذي لا يذكر الله تعالى صاحبه عند دخوله عَشاءً ، وأما تعديد الفراش للزوج والزوجة فلا بأس به ، لأنه قد يحتاج كل واحد منهما إلى فراش عند المرض ونحوه وغير ذلك" انتهى .
فلا حرج على المسلم في ادخار ما يحتاج إليه من طعام أو أثاث أو غير ذلك ، ما لم يصل إلى حد الإسراف ، وتضييع الأموال .
وأما كون المسلم قد يموت ولا ينتفع بما اشتراه ، فإن هذا لا يضره ، فيستنفع به غيره من ورثته ، وهو صدقة على الوارث ، لا سيما إذا كانوا محتاجين.
وأما كون المرأة قد لا تتزوج فإن هذا من سوء الظن الذي لا يليق بالمسلم ، فعلى العبد أن يحسن ظنه بالله تعالى ، وهو القائل سبحانه في الحديث القدسي : ( أنا عند ظن عبدي بي ) رواه البخاري (6856) ومسلم (4832) .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم سيد المتوكلين على الله ، وسيد الزهاد في الدنيا وأفضلهم ، ومع ذلك كان يدخر قوت أهله سنة ، كما سبق .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب