الحمد لله.
أولاً :
ينبغي للمسلم أن يحافظ على ألفاظ الأذكار الشرعية الواردة في الصلاة وغيرها ، بقدر استطاعته.
لما روى البخاري (347) – واللفظ له – ومسلم (2710) عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ ثُمَّ قُلْ : اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ . اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ . فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ . وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ.
قَالَ : فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا بَلَغْتُ : اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ قُلْتُ : وَرَسُولِكَ . قَالَ : لَا ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ) .
قال النووي رحمه الله :
"اخْتَارَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْره أَنَّ سَبَب الْإِنْكَار أَنَّ هَذَا ذِكْر وَدُعَاء , فَيَنْبَغِي فِيهِ الِاقْتِصَار عَلَى اللَّفْظ الْوَارِد بِحُرُوفِهِ , وَقَدْ يَتَعَلَّق الْجَزَاء بِتِلْكَ الْحُرُوف , وَلَعَلَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْكَلِمَات , فَيَتَعَيَّن أَدَاؤُهَا بِحُرُوفِهَا , وَهَذَا الْقَوْل حَسَن" انتهى .
"شرح مسلم" (17/33) .
ومما يدل على تأكيد ذلك فيما يتعلق بلفظ التشهد ما رواه مسلم (403) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ : (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ) وهذا يدل على شدة الاعتناء بألفاظ التشهد .
قال ابن أبي جمرة رحمه الله : "التشبيه : في تحفظ حروفه وترتب كلماته ومنع الزيادة والنقص منه والدرس له والمحافظة عليه" انتهى "فتح الباري" (11/184) .
ثانيا :
إذا قال في التشهد : (وأشهد أن محمدا رسول الله) بدلا من (وأشهد أن محمدا عبده ورسوله) فلا يضر ، لأنه لم يخرج عن اللفظ النبوي ؛ فإن لفظ : (وأشهد أن محمدا رسول الله) هي رواية مسلم (403) ورواه النسائي (1174) بلفظ : (وأشهد أن محمدا عبده ورسوله) .
وإذا اختلطت عليه ألفاظ التشهد أو ألفاظ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم غير أنه لم يخرج عن اللفظ النبوي فلا شيء عليه وصلاته صحيحة .
أما إن خلط فيها خلطاً يغير المعنى ، فإن كان ذلك قبل التسليم من الصلاة أعاد صيغة التشهد على وجهها الصحيح ، وإن كان ذلك بعد التسليم من الصلاة فإن كان الوقت قريباً من الانصراف من الصلاة رجع إلى التشهد ، وأعاده ثم سلم ، ثم سجد سجدتين للسهو .
وإن كان بعد فاصل طويل أعاد الصلاة .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
إذا أخطأ المصلى أو سها في التشهد الأخير فهل يعيد التشهد من أوله أو من حيث أخطأ ؟
فأجاب : "يعيد من حيث أخطأ ثم يأتي بما أخطأ فيه وبما بعده ؛ لأن الترتيب لا بد منه" انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (148/7-8) .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (3/441) :
"وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ بِالتَّشَهُّدِ مُرَتَّبًا فَإِنْ تَرَكَ تَرْتِيبَهُ نُظِرَ إنْ غَيَّرَهُ تَغْيِيرًا مُبْطِلًا لِلْمَعْنَى لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ , وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَهُ ; لِأَنَّهُ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ , وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ فَالْمَذْهَبُ : صِحَّتُهُ , وَهُوَ الصَّحِيحُ" انتهى مختصرا .
والله أعلم .
تعليق