الحمد لله.
أولا :
لا شك أن البحث عن دين المرأة هو أول ما يجب على الرجل النظر إليه ، إذا أراد الزواج ، كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ثم إن الواحد منا إنما يحكم بحسب ما بدا له من ظاهر الأمر ، من خلال سؤاله عن المرأة ، وأهلها ، وحالها قبل الزواج ، وليس فقط بما تبديه لها ، أو يظنه هو من خلال مظهرها ، أو من خلال مواقف عابرة ؛ فإذا اجتهد في البحث والتحري والسؤال ، ثم ظهر الأمر على غير ما توقعه فهذا أمر قدري ، لا دخل له فيه ، يحتاج هو إلى أن ينظر كيف يتعامل معه .
إن قضية الالتزام والتدين هي مسألة نسبية في تفاصيلها ، فبعض الناس يطلب أن يكون ذلك مستوى التدين الذي يلائمه : الاجتهاد في صيام النافلة ، وقيام الليل ، وحفظ القرآن الكريم ، أو قدر معين منه ، أو إلمام بالعلم الشرعي ... ، إلى آخر ما يمكن أن يطلب هنا .
والبعض الآخر يختلف في نظره إلى مستوى التدين الذي يطلبه .
والواقع أن النظر إلى هذا التفاوت ، وإمكان الحصول عليه أو عدمه ، إنما يكون قبل الزواج .
وأما بعد الزواج ، فنحن هنا أمام أمرين :
الأمر الأول : أن يكون حال التدين الموجود ، والذي هو أقل من المتوقع ، أو أقل من المطلوب ، فبالإمكان أن نتقبل هذا الوضع ، وإن كان أقل مما نرجو ، إذا كانت الحدود الموجودة تقف عند أداء الواجبات والفرائض ، واجتناب المحرمات .
فإذا اقتصرت المرأة عند هذا الحد الواجب ، من أداء الواجبات ، واجتناب المحرمات ، فهي على سبيل خير ونجاة ، إن شاء الله ، بشرط أن تضم إلى ذلك طاعة زوجها .
روى الإمام أحمد (1573) ـ وصححه الألباني ـ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا ، وَصَامَتْ شَهْرَهَا ، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا ، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا ، قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ ) .
وبالإمكان بعد ذلك أن يتعاون الرجل وامرأته في سبيل الزيادة من الخيرات، ونوافل الطاعات.
لكن المشكلة الكبيرة تأتي حينما يصل ذلك النقص والضعف عن الطاعة إلى درجة ترك شيء من الواجبات ، أو الوقوع في شيء من المحرمات .
روى الإمام أحمد (6664) ـ وصححه الألباني ـ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةٌ ، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ ؛ فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ ، وَمَنْ كَانَتْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ ) .
والمعنى : أن الإنسان قد تأتي عليه أوقات نشاط وجد في العبادة والطاعة ، ثم يعقب أوقات النشاط هذه حالات من الفتور والكسل والتراجع عن المستوى الذي بلغه قبل ذلك ؛ وهذا أمر مفهوم من طبائع النفوس ، ويرجى لصاحبه الفلاح ، لكن فقط إذا كان في أوقات فتوره وضعفه لا يتهاون في أداء الفرائض ، فإن تركها ، أو تهاون فيها : فقد هلك .
وليس الهلاك من مجرد ذنب يقع فيه الإنسان ، فكلنا مذنبون مخطئون ، بل حين يظهر ذلك في سلوك الإنسان العام ، ويكون هذا هو الغالب على حاله ، ويقع في الذنب ، فلا يتأثر ، ولا يندم ، ولا يتوب ، بل ربما استمرأ ذلك الذنب ، أو ركن إليه .
ثانيا :
الواضح من الحال التي وصفتها لزوجتك أنها فتورها وانتكاستها هي من النوع المهلك الخطر على صاحبه ، بل من النوع الذي يثير الشك في حقيقة ما كان عليه من تدين ظاهر ، فإذا كانت هي قد تتكاسل عن بعض الطاعات ، فما شأنها بلحيتك حتى تتضايق منها ؟!!
فالواجب عليك الآن : ألا تبدي لها تهاونا مع حالها هذه ، فالتكاسل عن صلاة الفجر كبيرة وجريمة ، بل هو كفر مخرج من الملة عند كثير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وبذلك يفتي الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ؛ فلا يحل لك إقرارها عليه ؛ وإن كان الغسل هو الذي يمنعها من القيام ، فلا تدعها تنام إلا على طهارة ، حتى لا يكون لها عذر.
والواقع أننا نشاركك القلق من حال امرأتك ، وننصحك بالتأني في أمر الإنجاب منها ، وحاول معها مرة أخرى ، فإن رأيت منها استقامة على أمر الصلاة ، ومحافظة عليها في أوقاتها ، بجد ، ومنها وأولها صلاة الفجر ، وطاعة لأوامرك ، وأداء لحقوقك عليها ؛ فاصطبر عليها وقتا آخر ، وانظر في شأنها ، وحاول تأديبها وتعليمها ، والصبر على عوجها ، وضعف حالها ، فلعل الله أن يهديها ، ويصلح شأنها.
وإن وجدت منها إصرارا على التهاون في أمر الصلاة ، أو التدخل في أمر دينك ، والاعتراض على لحيتك : فلا خير لك فيها ، وننصحك بفراقها قبل أن تنجب منها أولادا ، وتصبح المشكلة أعقد .
وينظر جواب السؤال رقم (141289) ، ورقم (98624) .
نسأل الله أن يسددك ، ويلهمك رشدك .
والله أعلم .
تعليق