الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

أعطاها خاتم الخطوبة واختلفا هل هو هدية أو عارية

150970

تاريخ النشر : 25-07-2010

المشاهدات : 38893

السؤال

قبل كتابة عقد القران ، وفيما يسمى بحفل قراءة الفاتحة ، أو سمه إن شئت حفلة الخطوبة ، كان هناك ما يسمى بلبس الخواتم "الدبل" بيني وبين الفتاة . ولأني أسلمت حديثاً ، فليس لي معرفة بهذه التقاليد ، وإن كنت أعرف أنها بدعة على كل حال .. ولكنْ والداها أصرّا على أن أحضر لها خاتماً ، فقمت بأخذ خاتم أمّي المصنوع من الماس الخالص والغالي الثمن ، فأعطيته للفتاة على أساس أنها ستلبسه فقط أثناء الحفلة ثم تعيده إليّ ، فالذي ظننته أن إعطاء الخواتم شيء رمزي ، وكل واحد يأخذ خاتمة بعد الاحتفال ؛ فما أعطيتها خاتم والدتي إلا على هذا الأساس ، ولم أقصد أن يكون هدية لها ، وإلا لما أعطيتها إياه ، ولاشتريت خاتماً أخر أرخص ثمناً . ثم عقدنا عقد القران بعد ذلك بمدة ، ولكننا انفصلنا قبل أن أدخل بها . وأنا سعيد بهذا الانفصال على كل حال . وقد اخبرني بعضهم أنه يتعين عليّ أن أدفع نصف المهر، ولا مانع عندي من ذلك ، لكن الذي أريده الآن هو خاتم والدتي ؛ فالخاتم باهظ الثمن جداً، حتى إن نصف المهر هذا الذي سأدفعه ، لا يساوي حتى نصف قيمة الخاتم ، وقد أخبرت أبويها أن يعيدا لي الخاتم ، ولكنهما رفضا وقالا : إن ابنتهم ستأخذه بالإضافة إلى نصف المهر . فما هو الحكم الشرعي في هذه المسألة ؟ وهاأنذا أكرر وأقول : إني لم أقصد أن أعطيها الخاتم هدية ، وإنما قصدت أن تلبسه في حفلة الخطوبة ثم تعيده ... أرجو منكم التوضيح . وجزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله.

أولا :

الهدايا التي يعطيها الزوج لزوجته - ومنها خاتم الخطوبة إذا لم تُعتبر من المهر - يجوز له الرجوع والمطالبة بها عند حصول الطلاق ، إذا كان الطلاق من جهتها .

هذا هو الراجح من كلام الفقهاء ، وإليه ذهب المالكية في قول ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وعزاه إلى أحمد رحمه الله .

وذهب الحنفية والمالكية في القول الآخر ، والشافعية ، إلى أن للخاطب أن يسترد هديته ، إذا كانت باقية بعينها ، سواء كان الفسخ من جهة الخاطب أو من جهة المخطوبة .

وينظر : الفتاوى الكبرى (5/ 472)، الشرح الصغير (2/ 348)، الدر المختارمع حاشية ابن عابدين (3/ 153)، تحفة المحتاج (7/ 421)، شرح منتهى الإرادات (3/ 24).

والأصل تحريم الرجوع في الهدية والهبة ، لما ورد في ذم ذلك والنهي عنه ، ومنه ما روى أبو داود (3539) والترمذي (2132) والنسائي (3690) وابن ماجه (2377) عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .

لكن استثني من ذلك : الهبة التي يريد صاحبها عوضا ومقابلا ، كالتزويج ، لأنها ليست تبرعا محضا ، فإذا لم يحصل له عوضه ، جاز له الرجوع في هبته .
وعلى هذا فلو فرض أن هذا الخاتم أعطيته هدية لمخطوبتك ، ثم كان الطلاق من جهتها ، بأن طلبت الطلاق ، أو وجد منها ما يمنع البقاء معها كتفريطها في صلاتها ، فلك الرجوع فيما أهديته لها .

ثانيا :

إذا لم تعطها الخاتم على سبيل الهدية ، بل أعطيته على سبيل العارية بحيث ترجعه لك بعد الحفل ، فإن صدّقتك في ذلك لزمها رده إليك ، وإن نازعتك فالقول قولك مع يمينك ، أي تحلف أنك أعطيتها الخاتم عارية لا هدية .

جاء في "حاشية ابن عابدين" (5/ 710) : " رجل اشترى حليا ودفعه إلى امرأته واستعملته , ثم ماتت ثم اختلف الزوج وورثتها أنها هبة أو عارية ، فالقول قول الزوج مع اليمين أنه دفع ذلك إليها عارية ; لأنه منكر للهبة " انتهى .

وينظر : "الفتاوى الهندية" (4/ 399).

ومن القواعد التي ذكرها الفقهاء : إذا اختلف القابض والدافع في الجهة فالقول قول الدافع .

ذكرها الزركشي رحمه الله في "المنثور في القواعد" (1/ 145) وذكر من أمثلتها :

" ولو دفع إلى زوجته دراهم وقال : دفعتها عن الصداق ، فقالت بل هي هدية ، فالقول قول الدافع ، حكاه الرافعي في كتاب الصلح عن الأصحاب . وقال في كتاب الصداق : لو اختلف الزوجان في قبض مال فقال : دفعته صداقا ، فقالت بل هدية ، فالقول قوله بيمينه " انتهى .

فإذا حلفت أنت بأنك أعطيتها الخاتم على سبيل العارية لا الهدية ، لزمها رده إليك .

والله أعلم .

 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب