الحمد لله.
إذا كانت الدولة تدفع لك المال لتعول أطفالك، كما هو الظاهر مما ذكرته : فالمال ملك لك، ولك التصرف فيما زاد عن نفقتك ونفقة من تعول، بما تحب، بل يجب عليك الحج إذا ملكت نفقة الحج ، زيادة على نفقتك ونفقة عيالك .
وإذا كانت الدولة تعطي الأموال للأولاد، وتجعلك قائما على صرفه عليهم، فالمال ملك لهم.
وهل لك أن تأخذ من مالهم لتحج؟
في ذلك خلاف بين الفقهاء.
1-ذهب الحنابلة إلى أن للأب أن يأخذ من مال ولده ما يشاء مع الحاجة، ودونها، إذا لم يضر بالابن. وعلى هذا يمكن أن تأخذ من أموال أولادك ثم تحج.
واستدلوا بما روى أحمد (6678) ، وأبوداود (3530) ، وابن ماجه (2292) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : " أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن لي مالا وولدا وإن والدي يجتاح مالي قال: أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ وَإِنَّ أَمْوَالَ أَوْلَادِكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ فَكُلُوهُ هَنِيئًا وله طرق وشواهد يصح بها، وينظر: " فتح الباري " (5/ 211)، و " نصب الراية " (3/ 337).
2-وذهب الجمهور إلى أن الأب إنما يجوز له أن يأخذ من مال ولده بشرط الحاجة، أي ما يحتاجه من طعام وشراب ولباس ونحوه.
وعليه: فليس له أن يأخذ ليحج.
وقد استدلوا بعمومات النصوص التي تحرم أخذ مال الغير إلا بطيب نفس منه، وبأنه جاء تقييد الأخذ من مال الولد بالحاجة.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَوْلَادَكُمْ هِبَةٌ اللهِ لَكُمْ ، يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ؛ فَهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ لَكُمْ ، إِذَا احْتُجْتُمْ إِلَيْهَا .
رواه الحاكم (2/ 284) والبيهقي (7/ 480)، والحديث صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " (2564).
قال ابن قدامة رحمه الله: " وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه ومع عدمها، صغيرا كان الولد أو كبيرا بشرطين:
أحدهما: أن لا يجحف بالابن ولا يضر به ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته.
الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر، نص عليه أحمد في رواية إسماعيل بن سعيد، وذلك لأنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه، فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده الآخر أولى ...
وقال أبو حنيفة و مالك و الشافعي: ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته؛ لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا) متفق عليه، ولأن ملك الابن تام على مال نفسه فلم يجز انتزاعه منه كالذي تعلقت به حاجته " انتهى من المغني (6/ 320) مختصرا.
وقد سبق في الموقع أن المختار مذهب جمهور العلماء ، وأنه ليس للأب أن يأخذ من مال ولده ، من غير حاجة إليه .
ينظر جواب السؤال رقم (9594) ورقم (145503).
والله أعلم.
تعليق