الحمد لله.
أولا :
إذا كان للصبي مال جاءه عن طريق الهبة أو المكافأة أو غير ذلك ، فهو ملك له ، وليس للأم أن تتصرف في ماله .
لكن إذا احتاجت إلى شيء من ماله ، فهل لها أن تأخذ منه كما يأخذ الأب ؟ في ذلك خلاف بين الفقهاء .
فمن أهل العلم من قال : إنها ليست كالأب .
قال ابن قدامة رحمه الله : " وليس لغير الأب الأخذ من مال غيره بغير إذنه ; لأن الخبر ورد في الأب بقوله : ( أنت ومالك لأبيك ).
ولا يصح قياس غير الأب عليه ؛ لأن للأب ولاية على ولده وماله إذا كان صغيراً " .
انتهى من " المغني " (5/ 397) ، وينظر: " الإنصاف "(7/155) ، "الغرر البهية" (4/400).
وقال الشيخ ابن عثيمين : " الهدايا التي يهدى للمولود أول ما يولد هي ملك له ، والأم ليس لها ولاية على ولدها مع وجود أبيه ، وعلى هذا فلا يحل لها أن تتصرف فيها إلا بإذن أبيه ، فإذا أذن فلا بأس ، وسواء كان المولود بنتا أو ابنا الحق في المال للأب لا للأم " .
انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين " (25/211).
ومنهم من قال : إنها كالأب .
قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه : " يَأْخُذُ الْأَبُ وَالْأُمُّ مِنْ مَالِ
وَلَدِهِمَا بِغَيْرِ إذْنِهِ ، وَلَا يَأْخُذُ الِابْنُ وَالِابْنَةُ مِنْ مَالِ
أَبَوَيْهِمَا بِغَيْرِ إذْنِهِمَا " رواه ابن حزم في "المحلى" (6/ 385) ، وصححه.
ومثله عن عطاء بن أبي رباح ، والزهري . ينظر: " المدونة" (2/264).
وقال الشيخ الفوزان حفظه الله : " وهذا في حق الأب لا شك فيه ، وكذلك في حقّ الأم ؛
لأنها كالأب على الصحيح ؛ تأخذ من مال ولدها ما تنتفع به ، وتسد به حاجتها ؛ ما لم
يكن بذلك إضرار على الولد ، أو أن تتعلق به حاجة الولد ، والله تعالى أعلم " انتهى
من " المنتقى ".
وجواز أخذ الأب من مال ولده له شروط سبق بيانها في جواب السؤال : (9594)
.
ولكن إذا كانت الأم فقيرة ، تحتاج إلى نفقة ، فلها أن تأخذ من مال ولدها قدر حاجتها
.
ثانيا :
ليس للطفل أن يتصرف في ماله كيف شاء ، وعلى وليه أن يحجز عنه المال ، وينفق عليه
منه بحسب المصلحة ، وهذا مقتضى الولاية .
قال تعالى : ( وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ
لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا
مَعْرُوفًا ) النساء/5 .
قال في "زاد المستقنع" : " ولا يتصرف لأحدهم وليّه إلا بالأحظ ".
وللولي أن يأذن للطفل في شراء بعض الأشياء بنفسه تعويدا وتمرينا له على حسن التصرف
في المال ، وينظر : سؤال رقم : (97489) .
والله أعلم .
تعليق