الحمد لله.
أولًا :
ليست الحكمة من الصيام هي مجرد الامتناع عن الأكل والشرب وقضاء الشهوة ، وإنما الحكمة هي الوصول إلى تقوى الله تعالى ، بفعل ما أمر الله به ، وحفظ الجوارح عن معصية الله تعالى ، قال الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ البقرة/183 .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ رواه البخاري (6057) .
وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم : رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ رواه ابن ماجه (1690) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وقال عُمَر بْن الْخَطَّابِ وعَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهما : "لَيْسَ الصِّيَامُ مِنْ الشَّرَابِ وَالطَّعَامِ وَحْدَهُ ; وَلَكِنَّهُ مِنْ الْكَذِبِ , وَالْبَاطِلِ وَاللَّغْوِ" .
وانظر السؤال ( 50063 ) .
فالواجب على الصائم أن يهتم بذلك ، وأن يجعل صيامه وسيلة لتربية النفس ، والتحكم في شهواتها ، والوصول إلى تقوى الله تعالى .
ثانيا :
ذكر العلماء أن المعصية يزداد قبحها إذا كانت في زمن فاضل أو في مكان فاضل .
فالمعاصي كلها قبيحة ، ويزداد قبحها في رمضان .
وينظر جواب السؤال رقم (38213) .
وإذا كان العبد إنما يصوم لله في نهار رمضان ، عن شهوته الحلال ، وبهذا يكون صيامه الحقيقي لله : يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا – متفق عليه، واللفظ للبخاري (1894) - ؛ فيكف يكون حال من يتوحل في القاذورات مع الأجنبية الحرام ؟!
لذا ؛ فالواجب على من فعل شيئا مما ورد في السؤال أن يبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى ، وذلك بالندم على ما فعل ، والكف عنه ، والعزم على عدم الرجوع إلى هذه المعصية في المستقبل ، وأن يقطع كل مسالكه بهذه المرأة الحرام ، وأمثالها .
فبهذا تصح توبته ، ويرجى أن يتقبلها الله تعالى ، ويغفر له ذنبه .
ثالثا :
أما تأثير ذلك على الصيام .
فإن كان أدى ذلك إلى نزول المني ، فقد فسد الصوم ، ويجب قضاء هذا اليوم ، وأما الكفارة فلا تجب ، لأن الصحيح من قولي العلماء أن الكفارة لا تجب إلا بالجماع.
وينظر السؤال رقم (38074) .
وإن كان ذلك لم يؤدِّ إلى نزول المني فالصوم صحيح ، ويكفي هذا الشخص أن يتوب إلى الله تعالى .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم (232352).
والقول بإن صومه صحيح: معناه أنه لا يكلف بقضاء ذلك اليوم ، مرة أخرى . بيد أنه بصيامه ذلك في واد ، وما أراده الله لعباده من الصوم ، وأحبه منهم : في واد بعيد .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ رواه البخاري ( 1804 ).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ رواه أحمد (8693) وصححه ابن حبان ( 8 / 257 ) والألباني في " صحيح الترغيب " ( 1 / 262 ) .
وينظر جواب السؤال رقم (93723) ورقم (50063)
والله أعلم .
تعليق