الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

حكم لبس المرأة المحرمة للكمامة

315882

تاريخ النشر : 20-11-2019

المشاهدات : 183393

السؤال

بأذن الله أنوي الحج ، فهل يجوز لي أن ألبس الكمامة بدلا من النقاب ؛ لضعف نظري ، وأريد النظر بوضوح ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

المرأة المحرمة تمنع من لبس ما هو مفصل على قدر الوجه، كالنقاب والبرقع واللثام؛ لما روى البخاري (1838) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَاذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ مِنْ الثِّيَابِ فِي الْإِحْرَامِ ؟

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  لَا تَلْبَسُوا الْقَمِيصَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا الْبَرَانِسَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلَانِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَلَا تَلْبَسُوا شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا الْوَرْسُ وَلَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ  .

وقد منع الفقهاء من البرقع، ومنعوا من اللثام ؛ لأنه نقاب ، أو في حكمه.

وقال ابن القيم رحمه الله: "ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :   لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين   : يعني في الإحرام ، فسوى بين يديها ووجهها في النهي عما صنع على قدر العضو ...

والصواب : النهي عما دخل في عموم لفظه ، وعموم معناه ، وعلته ؛ فإن البرقع واللثام ، وإن لم يسميا نقابا ، فلا فرق بينهما وبينه ، بل إذا نهيت عن النقاب ؛ فالبرقع واللثام أولى " انتهى من " إعلام الموقعين " (2 / 393 – 395).

وقال في "كفاية الطالب الرباني" (1/ 554): " ولها أن تستر جميع وجهها وكفيها، بثوب تسدله عليه من فوق رأسها ، ولا تغرزه بإبرة .

وليس لها لبس النقاب ولا البرقع ولا اللثام , فإن فعلت شيئا من ذلك افتدت" انتهى.

واللثام ما يوضع على الفم.

قال في "المصباح المنير" (2/ 549): " وَاللِّثَامُ ، بِالْكَسْرِ : مَا يُغَطَّى بِهِ الشَّفَةُ".

وقال في (2/ 556) – مادة ل ف م - : " تَلَفَّمَ إذَا أَخَذَ عِمَامَةً ، فَجَعَلَهَا عَلَى فَمِهِ ؛ شِبْهَ النِّقَاب،ِ وَلَمْ يَبْلُغْ بِهَا أَرْنَبَةَ الْأَنْفِ وَلَا مَارِنَهُ.

فَإِذَا غَطَّى بَعْضَ الْأَنْفِ: فَهُوَ النِّقَابُ . قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ.

وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: إذَا كَانَ النِّقَابُ عَلَى الْفَمِ ، فَهُوَ اللِّفَامُ وَاللِّثَامُ. " انتهى.

وعليه : فالكمامة نقاب، وهي أولى بالمنع من اللثام.

وغاية الأمر أن الكمامة لا تستر الوجه كله، لكنها ساترة لبعضه ، بما هو مفصل على قدر هذا البعض.

 قال في "الإنصاف "(3/ 466): " شمل قوله " لبس المخيط " : ما عمل على قدر العضو، وهذا إجماع، ولو كان درعا منسوجا، أو لبدا معقودا ، ونحو ذلك.

قال جماعة: بما عمل على قدره ، وقصد به.

وقال القاضي وغيره: ولو كان غير معتاد، كجورب في كف، وخف في رأس، فعليه الفدية" انتهى.

فالكمامة محظورة على المرأة، كالنقاب.

لكن إن احتاجت لها لأجل المرض ، أو الروائح المؤذية، جاز لها لبسها ، وتفدي فدية الأذى.

قال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله في "أسنى المطالب" (1/ 507): " مَنْ لَبِسَ فِي الْإِحْرَامِ مَا يَحْرُمُ لُبْسُهُ بِهِ ، أَوْ سَتَرَ مَا يَحْرُمُ سَتْرُهُ فِيهِ ، لِحَاجَةِ حَرٍّ ، أَوْ بَرْدٍ ، أَوْ مُدَاوَاةٍ ، أَوْ نَحْوِهَا : جَازَ ، وَفَدَى " انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" لفاعل المحظورات ثلاث حالات:

الأولى: أن يفعل المحظور بلا حاجة ولا عذر، فهذا آثم ، وعليه فديته.

الثانية: أن يفعله لحاجة ، فليس بآثم، وعليه فدية.

فلو احتاج إلى تغطية رأسه من أجل برد أو حر يخاف منه : جاز له تغطيته ، وعليه الفدية .

الثالثة: أن يفعله وهو معذور بجهل أو نسيان أو إكراه أو نوم، فلا إثم عليه ولا فدية " .

انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (24/ 433).

والفدية هي : صيام ثلاثة أيام ، أو إطعام ستة مساكين ، لكل مسكين نصف صاع ، أو ذبح شاة ، يختار المحرم أي واحدة من هذه الثلاثة .

وأما الرجل: فلا حرج عليه في لبس الكمامة؛ لأنه لا يحظر عليه تغطية وجهه على الراجح. وينظر: جواب السؤال رقم : (106560) .

ثانيا:

المحرمة تستر وجهها عن الرجال الأجانب ، بشيء تلقيه من رأسها على وجهها.

قال ابن قدامة رحمه الله: " قال ابن المنذر: وكراهية البرقع ثابتة عن سعد وابن عمر وابن عباس وعائشة، ولا نعلم أحداً خالف فيه، وقد روى البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين).

فأما إذا احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريباً منها، فإنها تسدل الثوب من فوق رأسها على وجهها.

روي ذلك عن عثمان وعائشة، وبه قال عطاء ومالك والثوري والشافعي وإسحاق ومحمد بن الحسن، ولا نعلم فيه خلافاً، وذلك لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه " رواه أبو داود والأثرم " المغني " (3/ 154).

وحديث عائشة صححه الألباني في " رسالة جلباب المرأة " .

ويمكنك اتخاذ هذا من قماش خفيف يمكنك الرؤية منه دون أذى.

فإن شق ذلك عليك، فلا حرج في لبسك النقاب مع الفدية، وهو أولى من الكمامة التي لا تستر كامل الوجه.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب