الحمد لله.
أولا: حكم كتابة الروايات الخيالية
سبق في جواب السؤال رقم : (174829)؛ بيان الأقوال في حكم كتابة الروايات الخيالية، وترجيح الجواز إذا كانت القصة هادفة تدعو إلى الخير والصلاح.
وطالع لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (278767).
ثانيا: استعمال آيات أو أحاديث في القصص الخيالية
استعمال نصوص الكتاب والسنة في هذه القصص ، إن كان على وجه صحيح : فلا يظهر ما يمنع منه .
والآيات القرآنية والأحاديث النبوية :
منها ما يكون واضح الدلالة ، لا يحتاج إلى شخص كثير العلم حتى يفهم معناها ، بل يفهمها كل من يقرؤها – في الغالب- كالآيات التي تأمر بالفرائض كالصلاة والزكاة والحج والصيام ، والآيات والأحاديث الآمرة بحسن الخلق ، والناهية عن ضده .... ونحو ذلك .
فلا حرج على الكاتب أن يستدل بها ، لأن معناها واضح ، لا لبس فيه ولا غموض .
وهناك آيات وأحاديث أخرى تحتاج إلى شخص ذي علم ليعرف معناها ، فالواجب البحث عن معناها أو سؤال أهل العلم ، ولا يجوز للجاهل بمعناها أن يستدل بها ، لأنه قد يستدل بها على غير ما تدل عليه .
وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه ذكر أن تفسير القرآن الكريم على أربعة أنواع، فقال:
(التفسير إلى أربعة أوجه : وجه تعرفه العرب في كلامها ، ووجه لا يعذر أحد بجهالته ، وجه يعلمه العلماء ، ووجه لا يعلمه إلا الله ، ومن ادعى علمه فهو كاذب) .
رواه ابن جرير في مقدمة تفسيره (1/70) ، (73) . وذكره ابن كثير في مقدمة تفسيره أيضا (1/14) .
قال الزركشي في "البرهان" (2/164-167) : "وهذا تقسيم صحيح :
فأما الذى تعرفه العرب فهو الذى يُرجع فيه إلى لسانهم ، وذلك شأن اللغة والإعراب ...
فما كان من التفسير راجعا إلى هذا القسم ، فسبيل المفسر التوقف فيه على ما ورد في لسان العرب ، وليس لغير العالم بحقائق اللغة ومفهوماتها تفسير شيء من الكتاب العزيز ، ولا يكفى في حقه تعلم اليسير منها ، فقد يكون اللفظ مشتركا وهو يعلم أحد المعنيين .
الثاني : ما لا يعذر أحد بجهالته ، وهو ما تتبادر الأفهام إلى معرفة معناه ، من النصوص المتضمنة شرائع الأحكام ودلائل التوحيد ، وكل لفظ أفاد معنى واحدا جليا لا سواه ، يعلم أنه مراد الله تعالى ، فهذا القسم لا يختلف حكمه ، ولا يلتبس تأويله ، إذ كل أحد يدرك معنى التوحيد من قوله تعالى : (فاعلم أنه لا إله إلا الله) وأنه لا شريك له في إلهيته ...
ويعلم كل أحد بالضرورة : أن مقتضى قوله تعالى : (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) ونحوها من الأوامر : إيجاب الصلاة والزكاة .
الثالث : ما لا يعلمه إلا الله تعالى ، فهو ما يجري مجرى الغيوب ، نحو الآي المتضمنة قيام الساعة ونزول الغيث وما في الأرحام وتفسير الروح ...
والرابع : ما يرجع إلى اجتهاد العلماء ، وهو الذى يغلب عليه إطلاق التأويل ، وهو صرف اللفظ إلى ما يؤول إليه ، وذلك استنباط الأحكام ، وبيان المجمل ، وتخصيص العموم ، وكل لفظ احتمل معنيين فصاعدا فهو الذى لا يجوز لغير العلماء الاجتهاد فيه" انتهى بتصرف يسير .
والله أعلم.
تعليق