الحمد لله.
أولا :
من شروط صحة النكاح أن يعقده ولي المرأة أو وكيله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا نكاح إلا بولي ) رواه أبو داود (2085)، والترمذي (1101)، وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري ، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".
ولقوله صلى الله عليه وسلم: ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل ) رواه أحمد (24417)، وأبو داود (2083)، والترمذي (1102) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (2709).
وينظر السؤال رقم: (208843).
ثانيا :
لا يجوز للولي أن يجبر مَوْلِيَّتَه على أن تتزوج بمن لا تريده، سواء كانت بكرا أم ثيبا، ولو كان المجبِر الأب، على الراجح، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم: (163990) .
وأما الأخ؛ فليس له إجبار مَوْليتِه في قول جمهور الفقهاء. وينظر: "الموسوعة الفقهية" (41/ 259).
ثالثا :
إذا امتنع الولي من تزويج المرأة التي هي تحت ولايته، وكان الخاطب كفؤا لها ؛ فإنه يكون عاضلا ، وتنتقل الولاية إلى من بعده .
وترتيب الأولياء بعد وفاة الأب ، وعدم وجود الجد ، أو ابن للمرأة : الإخوة الأشقاء ، ثم الإخوة لأب ، ثم أبناء الإخوة الأشقاء ، ثم أبناء الإخوة لأب .. ثم الأعمام ... إلخ .
فإذا امتنع الأولياء جميعا من تزويج المرأة ، فليزوجها السلطان .
فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فإن دخل بها ، فلها المهر بما استحل من فرجها ، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له) .
رواه الترمذي (1102)، وأبو داود (2083)، وابن ماجه (1879)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1840).
فإن امتنع السلطان، أو كان لا يلي هذه الأشياء، لكونه يرى أنه لا يشترط وجود الولي لصحة النكاح، كما في بعض البلاد الإسلامية ، وكان للمرأة خال، فلها أن تأخذ بقول أبي حنيفة باعتبار الخال وليا.
قال السرخسي رحمه الله: "فأما ذوو الأرحام ، كالأخوال والخالات والعمات : فعلى قول أبي حنيفة - رحمه الله تعالى - يثبت لهم ولاية التزويج عند عدم العصبات، استحسانا، وعلى قول محمد - رحمه الله تعالى - لا يثبت، وهو القياس، وهكذا رَوى الحسنُ عن أبي حنيفة" انتهى من "المبسوط" (4/223).
وقال الدكتور وهبة الزحيلي رحمه الله: "وقال أبو حنيفة: لغير العصبات من الأقارب ولاية التزويج عند عدم العصبات، أي تثبت الولاية لذوي الأرحام، الأقرب فالأقرب، فإن لم يكن عصبة فالولاية للأم، ثم أم الأب، ثم أم الأم، فإن لم يوجد أحد من الأصول انتقلت الولاية للفروع، على أن تقدم البنت على بنت الابن لقربها، وتقدم بنت الابن على بنت البنت لقوة قرابتها. ثم الجد الرحمي (غير الصحيح): وهو أبو الأم، وأبو أم الأب. ثم الأخوال ثم الخالات وأولادهم.
فإن لم يوجد أحد من ذوي الأرحام، انتقلت الولاية إلى الحاكم: وهو القاضي الآن" انتهى من "الفقه الإسلامي وأدلته" (9/6704).
وينظر: "الولاية في النكاح" (2/61) للدكتور عوض بن رجاء العوفي.
فإن امتنع الأخوال وسائر القرابة من تزويجها، فلها الأخذ بمذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله في عدم اشتراط الولي، فتزوج نفسها للضرورة، لأنه لا سبيل لها إلى الزواج من الكفء الذي رضيته إلا بهذه الطريقة.
وقد علمنا أن قانون الأحوال الشخصية في البلد التي أنت بها (بلد أخوالك) يسمح للمرأة البالغة العاقلة التي تجاوزت الثمانية عشر عاماً ، إذا كانت بكراً : أن تزوج نفسها بدون إذن وليها، واشترط القانون الكفاءة في العقد، وفي حال الإخلال بشرط الكفاءة يجوز لوليها طلب فسخ النكاح.
فإن كنت مصرة على الزواج من هذا الرجل، فاطلبي من أحد أخوالك أن يزوجك منه، فيكون هو وليَّك في النكاح، بعد النظر في حال الخاطب، ومدى كفاءته، فقد ترين أن هذا الرجل مناسب لك ويكون الواقع بخلاف هذا ، وهذا يعرفه أخوالك أكثر منك غالبا، ولذلك جعل الشرع نكاح المرأة عن طريق وليها، حتى يحسن الاختيار لها ، ولأن المرأة قد تُخدع ، لكون عاطفتها كثيرا ما تغلب عقلها .
نسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك، وييسر لك زوجا صالحا وذرية صالحة تقر بها عينك .
والله أعلم .
تعليق