السبت 8 جمادى الأولى 1446 - 9 نوفمبر 2024
العربية

هل يحج حج الفريضة أم يزوج ابنه بهذا المال

السؤال

إذا كان هناك رجل يريد أن يحج حج الفريضة ( لأول مرة ) وكان لديه ابن أعزب في عمر الزواج ، وكان لدى هذا الرجل مبلغ من المال يكفي فقط لأن يحج أو يزوج ابنه ، في هذه الحالة أيهما أولى : أن يقوم بأداء فريضة الحج ؟ أم يقوم بتزويج ابنه ؟.

الجواب

الحمد لله.

أولا :

يلزم الرجل أن يزوج ولده إذا كان الولد محتاجاً إلى الزواج ، وعاجزاً عن تكاليفه ، في أصح قولي العلماء ؛ لأن الحاجة إلى النكاح قد لا تقل عن الحاجة إلى الأكل والشرب ، فتدخل في النفقة الواجبة .

قال المرداوي في "الإنصاف" (9/204) : " يجب على الرجل إعفاف من وجبت نفقته عليه من الآباء والأجداد والأبناء وأبنائهم وغيرهم , ممن تجب عليه نفقتهم . وهذا الصحيح من المذهب - يعني مذهب الإمام أحمد - " انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " حاجة الإنسان إلى الزواج ملحة قد تكون في بعض الأحيان كحاجته إلى الأكل والشرب ، ولذلك قال أهل العلم : إنه يجب على من تلزمه نفقة شخص أن يزوجه إن كان ماله يتسع لذلك ، فيجب على الأب أن يزوج ابنه إذا احتاج الابن للزواج ولم يكن عنده ما يتزوج به ، لكن سمعت أن بعض الآباء الذين نسوا حالهم حال الشباب إذا طلب ابنه منه الزواج قال له : تزوج من عرق جبينك . وهذا غير جائز ، وحرام عليه إذا كان قادراً على تزويجه ، سوف يخاصمه ابنه يوم القيامة إذا لم يزوجه مع قدرته على تزويجه " انتهى من " فتاوى أركان الإسلام" ( ص440-441 ) .

ثانيا :

إذا تعارض حج الوالد مع زواج الابن ، لكون المال الذي يملكه الأب لا يكفي إلا لأحدهما ، فإنه ينظر في نكاح الابن هل يجب الآن أم يمكن تأخيره ؟ فإن كان الابن محتاجا للنكاح ويخشى على نفسه الوقوع في الحرام ، فإن زواجه مقدم على حجه هو لنفسه ، ومقدم على حج أبيه كذلك لأمرين :

الأول : أن إعفافه وصيانته عن الوقوع في الحرام أمر واجب لا يحتمل التأخير ، أما الحج فيمكن تأخيره إلى أن ييسر الله له .

والثاني : أن الحج لا يجب على الأب إلا إذا ملك مالا فائضاً عن نفقته ونفقة من تلزمه نفقته ، وقد لزمه هنا تزويج ابنه حتى لا يقع في الحرام .

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/12) : " وَإِنْ احْتَاجَ إلَى النِّكَاحِ , وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ ( أي المشقة ) , قَدَّمَ التَّزْوِيجَ – يعني : على الحج - لأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ , وَلا غِنَى بِهِ عَنْهُ , فَهُوَ كَنَفَقَتِهِ . وَإِنْ لَمْ يَخَفْ , قَدَّمَ الْحَجَّ ; لأَنَّ النِّكَاحَ تَطَوُّعٌ , فَلا يُقَدَّمُ عَلَى الْحَجَّ الْوَاجِبِ " انتهى.

وانظر أيضاً : "المجموع" (7/71) للنووي .

وانظر السؤال رقم (27120) .

أما إن كان الولد لا يحتاج إلى النكاح أو لا يخاف على نفسه الوقوع في الحرام لو أخر النكاح ، فإنه لا يلزم تزويجه الآن ، وعليه فيكون الحج واجبا على الأب ؛ لأنه ملك مالا فائضا عن نفقته ونفقة من يعول ، قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) آل عمران/ 97 .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب