الأربعاء 26 جمادى الأولى 1446 - 27 نوفمبر 2024
العربية

جواز الاقتصار على الاستجمار بالمنديل

السؤال

حسنا, فالطريقة الصحيحة عند قضاء الحاجة هي أن أكون جالسا. أنا أعلم ذلك. لكن أحد أصدقائي قال لي بأنه يظن أنه من المفروض علينا أن ننظف المؤخرة بعد قضاء الحاجة بالماء وليس بالمناديل الورقية "فقط". أنا أغسل يدي بعد قضاء الحاجة لكني لا أستخدم غير المناديل لتنظيف المؤخرة. فهل يوجد حكم إسلامي يقول إن علينا أن نستخدم الماء لتنظيف المخرج ؟ أرجو ألا يوجد حكم بذلك, لصعوبة الأمر وكونه يسبب إزعاجا. فكل مرة أحاول فيها استخدام الماء, ولكن الماء يتدفق على المكان من حولي.

الجواب

الحمد لله.

أولا : الواجب على المؤمن أن يستجيب لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولو كان ذلك على خلاف هواه واختياره . قال الله تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا ) الأحزاب/36 . وقال : (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(51)وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ) النور/51-52 .

وإذا استجاب المؤمن لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فهو مأجور على أي مشقة تحصل له بسبب ذلك ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة : ( أجْرُكِ عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِكِ وْنَصَبِكِ – أي تعبك - ) البخاري (1787) ومسلم (1211) .

وأما حكم المسألة :

فلا يجب استعمال الماء لإزالة ما على المخرج من نجاسة بعد قضاء الحاجة ، بل يجزئ إزالتها بالأحجار أو المنديل أو ما أشبه ذلك من الأشياء التي تزيل النجاسة ، ودليل ذلك : ما رواه أحمد (23627) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَلْيَسْتَطِبْ بِهَا فَإِنَّهَا تَجْزِي عَنْهُ) . صححه الألباني في الإرواء (44) . ونقل ابن قدامة رحمه الله إجماع الصحابة على جواز الاقتصار على الأحجار وأنه لا يجب استعمال الماء . المغني (1/208).

ومع جواز الاقتصار على الأحجار أو المناديل فإن الأفضل هو استعمال الماء ، ودليل ذلك ما رواه البخاري (150) ومسلم (271) عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ الْخَلاءَ فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلامٌ نَحْوِي إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ فَيَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ) . والإداوة هي إناء من جلد .

وروى الترمذي (19) عَنْ عَائِشَةَ أنها قَالَتْ للنساء : مُرْنَ أَزْوَاجَكُنَّ أَنْ يَسْتَطِيبُوا بِالْمَاءِ فَإِنِّي أَسْتَحْيِيهِمْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُهُ . صححه النووي في المجموع (2/101). قَالَ الترمذي رحمه الله بعد هذا الحديث : وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَخْتَارُونَ الاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ وَإِنْ كَانَ الاسْتِنْجَاءُ بِالْحِجَارَةِ يُجْزِئُ عِنْدَهُمْ فَإِنَّهُمْ اسْتَحَبُّوا الاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ وَرَأَوْهُ أَفْضَلَ اهـ  

وإذا جمع بين استعمال المناديل والماء فهو أكمل وأفضل ، فيبدأ باستعمال المناديل ثم يستعمل الماء .

انظر : المجموع للنووي (2/100).

والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الشيخ محمد صالح المنجد