الحمد لله.
حكم الفطر للمسافر في القرآن والسنة
دل القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع الأمة على أن المسافر في نهار رمضان له أن يفطر، قال الله تعالى: وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ البقرة/185.
شروط جواز الفطر للمسافر في رمضان
وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله أن المسافر الذي يباح له الفطر هو من سافر مسافة قصر، وكان سفره مباحا.
أما من سافر سفرا لا يبلغ مسافة القصر، أو كان سفره سفر معصية، فلا يباح لهما الفطر.
وكذا لو سافر ليفطر حرم عليه السفر والفطر.
ومسافة القصر عند جمهور العلماء، هي أربعة بُرُد، وتعادل 80 كيلو تقريبا. وذهب بعض العلماء على أنه لا اعتبار بالمسافة، وإنما العبرة بما يسميه الناس سفراً.
رأي الفقهاء في سفر المعصية والفطر
والقول بأن العاصي بسفره لا يباح له الفطر ولا غيره من رخص السفر كقصر الصلاة: هو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة. انظر: “المغني” (2/52).
وعللوا قولهم: بأن الفطر رخصة، والعاصي بسفره ليس أهلا للرخصة. ومنهم من استدل بقوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ البقرة/173.
ووجه الدلالة: أن الله تعالى لم يبح أكل الميتة للمضطر الباغي والعادي؛ لأنهم عصاة. قالوا: والباغي هو الخارج على الإمام، والعادي هو المحارب وقاطع الطريق.
وذهب الحنفية إلى أن له الترخص بالفطر والقصر وغيره، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
انظر: “البحر الرائق” (2/149)، “مجموع الفتاوى” (24/110).
وهؤلاء لم يسلموا للجمهور استدلالهم بالآية، وقالوا: بل الباغي هو الذي يطلب الطعام المحرم مع قدرته على الحلال، والمعتدي: هو الذي يتعدى القدر المحتاج إليه.
وأما من سافر لأجل أن يفطر، فهذا متحايل على الشرع، فعوقب بنقيض قصده،
قال في “كشاف القناع” من كتب الحنابلة (2/312):
“لكن لو سافر ليفطر حرما عليه، أي: السفر والفطر، حيث لا علة لسفره إلا الفطر. أما حرمة الفطر فلعدم العذر المبيح له. وأما حرمة السفر فلأنه وسيلة إلى الفطر المحرم” انتهى بتصرف يسير.
هل يجوز للمسافر الإفطار قبل مغادرة عمران المدينة؟
وليس للمسافر أن يفطر إلا بعد مفارقة عمران مدينته أو قريته، فيحرم الفطر عليه قبل ذلك؛ لأنه مقيم حينئذ.
متى يحرم الفطر على المسافر؟
وعلى هذا فيحرم على المسافر الفطر في مواضع: منها:
- إذا كان سفره لا يبلغ مسافة القصر.
- إذا لم يكن سفره مباحا عند جمهور العلماء.
- إذا سافر لأجل أن يفطر.
- إذا سافر وأراد أن يفطر قبل مفارقة بيوت قريته أو مدينته.
- وهناك حالة خامسة يحرم فيها الفطر على المسافر عند جمهور العلماء، وهي إذا أقام في البلد الذي سافر إليه أكثر من أربعة أيام، ويرى آخرون من العلماء أن المسافر يترخص برخص السفر ما دام مسافرا مهما طالت المدة.
والله أعلم.
تعليق