الثلاثاء 9 رمضان 1445 - 19 مارس 2024
العربية

التوبة من الاقتراض بالربا

60185

تاريخ النشر : 12-09-2005

المشاهدات : 142888

السؤال

لقد قمت بأخذ قرض من بنك وذلك لظروف مادية شديدة لأني أردت أن أجهز شقة الزوجية مع العلم بأن هذه الشقة لا يوجد بها أدنى أنواع التظاهر فهي شقة بسيطة جدا . وأنا مدرس وتم تحويل راتبي إلي هناك علي أن يخصم منه مبلغ كل شهر وذلك خلال 5 سنوات حتى ينتهي القرض ومر عامان ونصف وعزمت على أن أذهب إلي البنك وأغلق هذا القرض لأني أشعر أن كل ما يحدث أي شئ أشعر أنه بسب هذا القرض . ولكن اكتشفت أن المبلغ المراد سداده ما زال فوق قدراتي بالإضافة إلي أني كنت أنوي العمرة هذا العام أنا وزوجتي وابني وابنتي فهل يجوز أن أسافر لأداء العمرة متمنيا من الله شفاء ابني المريض وأعود لأنهي ذلك القرض في شهر 11 القادم إن شاء الله أم ماذا أفعل ؟.

الجواب

الحمد لله.

لا يجوز الاقتراض بالربا ، من البنك أو غيره ، ولو كان ذلك لتجهيز منزل الزوجية ؛ لما ورد في الربا من التحريم المؤكد ، والوعيد الشديد ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة/278- 279 .

وروى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ , وَقَالَ : هُمْ سَوَاءٌ ) .

قال ابن قدامة رحمه الله : " وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف . قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية ، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا " انتهى من "المغني" (6/436) .

والواجب على من اقترض بالربا أن يتوب إلى الله تعالى ، ويندم على ما فات ، ويعزم عزما أكيدا على عدم العود إلى هذا الذنب العظيم ، والجرم الخطير ، الذي ورد فيه من الوعيد ما لم يرد في غيره ، نسأل الله العافية .

ثم إنه لا يلزمك شرعا إلا سداد رأس المال ، أما الزيادة المحرمة فلا تلزمك ، ولا يجوز للمقرض أخذها منك ؛ لقوله تعالى : ( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) . لكن إن خشيت الضرر والمساءلة بعدم دفع الفائدة ، فادفعها ، مع توبتك إلى الله تعالى وكراهتك لهذا المنكر العظيم .

سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله ما نصه : اقترضت من أحد الأصدقاء مبلغ مائة جنيه على أن أوفيه بعد سنة مائة وخمسين، وحينما حان وقت الوفاء حاولت إعطاءه مائة فقط ولكنه أصر على أخذ زيادةٍ قدرها خمسون جنيهًا مقابل التأجيل ، فما الحكم في هذه الزيادة ‏؟‏ وإن كان هذا من قبيل الربا فهل علي أنا إثم وكيف أتخلص من ذلك علمًا أن تلك النقود التي اقترضتها منه قد اختلطت مع مالي فماذا عليَّ أن أفعل ‏؟‏

فأجاب : " الله سبحانه وتعالى حرم الربا وشدد الوعيد فيه ، قال سبحانه وتعالى‏:‏ ( ‏الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ )‏ ‏البقرة/275 , إلى أن قال ‏:‏ ( ‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ‏.‏ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ )‏ البقرة/‏ 278، 279‏‏‏ .

والربا له صور وأنواع ومن أنواعه هذا الذي ذكرته في السؤال وهو القرض بالفائدة ؛ لأن القرض الشرعي هو القرض الحسن الذي تقرض به أخاك لينتفع بالقرض ثم يرد عليك بدله من غير زيادة مشترطة ولا نقص , هذا هو القرض الحسن ، أما القرض الذي يجر نفعًا أو القرض الذي يقصد من وراءه الزيادة الربوية فهذا حرام بإجماع المسلمين ، حرام بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين وعلى فاعله الوعيد الشديد ، فالواجب هو رد مثل المبلغ الذي اقترضه أما الزيادة التي اشترطها عليك وأخذها منك فهي حرام وربًا، والنبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه ،‏ فلعن صلى الله عليه وسلم من أكل الربا ومن أعانه على أكله من هؤلاء ، فهذا الذي فعلتموه حرام وكبيرة من كبائر الذنوب وعليكم التوبة إلى الله سبحانه وتعالى ، وعليه هو أن يرد عليك هذه الزيادة التي أخذها منك لأنها لا تحل له ، وأنت فعلت محرمًا بإعطائه الزيادة ، وكان الواجب عليك أن تمتنع من إعطائه الزيادة . . . . فهذا الذي أقدمتما عليه هو صريح الربا ، فعليكما جميعًا التوبة إلى الله سبحانه وتعالى وعدم الرجوع إلى هذا التعامل ، وعلى الآخر أن يرد الزيادة التي أخذها ، والله أعلم " انتهى من "المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " (5/210) ‏.‏

واعلم أنه كلما عجلت بالتخلص من هذا القرض كان ذلك أفضل وأحسن وأبرأ ؛ لتتخلص من الربا وآثاره .

ولذلك فالأولى لك أن تبادر بسداده ، وأن توفر الأموال التي ستنفقها لأداء العمرة للتخلص من هذا الدين .

نسأل الله أن يشفي ولدك ، ويفرج كربك ، ويغنيك بالحلال عن الحرام .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب