الحمد لله.
أولاً:
اسم الله تعالى " الباطن " ثبت في القرآن ، والسنَّة :
قال تعالى : ( هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) الحديد/ 3 .
وعَنْ سُهَيْلٍ قَالَ : كَانَ أَبُو صَالِحٍ يَأْمُرُنَا إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَنَامَ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ ثُمَّ يَقُولُ : ( اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَىْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَىْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَىْءٌ وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَىْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَىْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَىْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ ) .
وَكَانَ يَرْوِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم .
رواه مسلم ( 2713 ) .
ثانياً:
وأما معنى اسم الله " الباطن " : فخير تفسير له ما فسَّره به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ( وأنت الباطن فليس دونك شيء ) ومعناه : العالِم ببواطن خلقه ، القريب منهم ، المحيط بهم ، لا تخفى عليه منهم خافية ، فهو تعالى قريب من عموم خلقه بالعلم ، والقدرة ، والإحاطة ، وقريب من خصوص أوليائه بالنصرة والتأييد .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
قوله : ( وأنت الباطن فليس دونك شيء ) : المعنى : ليس دون الله شيء ، لا أحد يدبر دون الله ، ولا أحد ينفرد بشيء دون الله ، ولا أحد يخفى على الله ، كل شيء فالله محيط به ، ولهذا قال : ( ليس دونك شيء ) يعني : لا يحول دونك شيء ، ولا يمنع دونك شيء ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ، وهكذا .
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 8 / 429 ) .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 11277 ) ففيه شرح أوفى .
ثالثاً:
بعد أن علمنا ثبوت اسم الباطن أنه من أسمائه تعالى الحسنى ، وعلمنا معانيه الجليلة : فليُعلم أن ما ذُكر في السؤال من كون ترداد اسم الله " الباطن " ثلاث مرات يوميّاً : يُكشف به الأسرار : قول باطل ، لا قيمة له ، فليس له أصل في الشرع ، ولا هو ثابت في الواقع ، ولا يحل لأحدٍ استعمال أسمائه تعالى الجليلة للعبث ، ولا علاقة لما ورد في السؤال ، ولما يزعمه المشعوذون والدجالون من خواص معينة لأسماء الله تعالى ، سوى ما ورد به الشرع ، من إحصائها ، والتعبد لله بمقتضاها .
وقد رأينا من ذكر غير عدد الثلاث مرات ، فقال بعضهم : " مَن أراد أن يطلع على علم الضمائر - أي : أن يدرك ما يضمره الآخرون - : فليقل " يا باطن " 62 مرة يوميّاً ! لمدة أربعين يوماً ، ومَن قال : " يا أول يا آخر ، يا ظاهر يا باطن " 99 مرة كل يوم : نال ذلك أيضاً ، ولذلك تأثير عجيب " ! .
وكل ذلك لا أصل له ، ولا ضابط للعدد في تلك النقولات ، فكلها اختراعات من أصحابها ، ولا ثمة من يطالبهم - من المريدين - بالدليل على صواب ما يقوله أحدهم ، وبطلان ما يزعمه غيره .
وتتبارى الفرق الباطنية فيما بينها للوصول إلى إضلال الناس ، وتعليقهم بعلم المكاشفات ، وتخترع كل طائفة منها سبيلاً ليسلكه المريد عندهم ليكون من " أهل الكشف " ، فبعض تلك الطوائف تجعل تكرار اسم الله " المهيمن " ألفاً وأربعين مرَّة هو السبيل للاطلاع على بواطن الخلق ! ومنهم يجعل تكرار اسم الله " الحكيم " حتى يغيب عن الوعي هو الطريق لذلك ! وكل ذلك من الضلال ، والانحراف عن اعتقاد سلف هذه الأمة ، ومن تلبيس الشيطان على تلك الطوائف الضالة ، وقد جمعوا ذلك تحت عناوين مثل : " أسرار أسماء الله الحسنى " ! و " فوائد أسماء الله الحسنى " ! .
وانظر جواب السؤال رقم (12778) لمعرفة الفرق بين الكشف الرحماني ، والكشف الشيطاني .
وانظر جواب السؤال رقم (45559) في الإنكار على من استعمل أسماء الله تعالى في العلاج .
وليُنظر كتاب " نقض الصوفية " للأستاذ عامر حسن عامر ، ففيه مباحث قيمة في علم الكشف عند المتصوفة .
والله أعلم