هل يجوز لهم العمل في إتمام معاملات البنوك الربوية وشركات التأمين وموظفيهم ؟
نحن شركة خدمات حكومية - مندوبون أو معقبون - تقوم بخدمة الشركات الأخرى لتخليص معاملاتها في الدوائر الحكومية في الإمارات ، ونحن نتعامل مع كل أنواع الشركات ، والآن يوجد بنك يريد أن أقدم له خدمات إصدار الإقامات ، وتجديد التراخيص ، في الدوائر الحكومية ، فهل هناك إثم عليَّ ؟ وكذلك حاليّاً أنا أقوم أيضا بنفس الخدمات لشركة تـأمين ، فهل عليَّ إثم أيضاً ؟ .
الجواب
الحمد لله.
العمل المباشر في البنوك الربوية وشركات التأمين التجارية لا شك أنه محرَّم ، ولا
يختلف الحكم باختلاف طبيعة العمل ؛ إذ كل موظف – حتى لو كان حارساً – فهو جزء من
تلك المؤسسات القائمة على المعصية ، وقد سبق نقل فتاوى كثيرة في هذا الشأن عن
العلماء الثقات ، فلتنظر – مثلاً - في جوابي السؤالين (100218)
و(26771) .
ومثله يقال في كل من يعين تلك المؤسسات المحرَّمة على القيام والاستمرار ، فيدخل
فيه من يرخِّص لها ، ومن يجدد أوراقها ، ومن يقوم بتثبيت إقامة موظفيها وتجديدها ،
وكل ذلك داخل في التعاون على الإثم والمعصية ، وهو أمرٌ محرَّم ، قال تعالى : (
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ
وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/ 2
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"إذا أعان الرجل على معصية الله : كان آثما ؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان ، ولهذا
(لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر ، وعاصرها ، ومعتصرها ، وحاملها ، والمحمولة
إليه ، وبائعها ، ومشتريها ، وساقيها ، وشاربها ، وآكل ثمنها) .
وأكثر هؤلاء - كالعاصر والحامل والساقي - إنما هم يعاونون على شربها ، ولهذا يُنهى
عن بيع السلاح لمن يقاتل به قتالاً محرَّماً كقتال المسلمين ، والقتال في الفتنة"
انتهى .
"مجموع الفتاوى" (22/141) .
وقال البخاري في صحيحه :
باب بيع السلاح في الفتنة وغيرها ، وكره عمران بن حصين بيعه في الفتنة .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
"قال ابن بطال : إنما كره بيع السلاح في الفتنة لأنه من باب التعاون على الإثم ،
ومن ثم كره مالك والشافعي وأحمد وإسحاق بيع العنب ممن يتخذه خمراً ، وذهب مالك إلى
فسخ البيع" انتهى .
"فتح الباري" (4/323) .
والكراهة عند العلماء المتقدمين تعني التحريم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"والكراهة المطلقة في لسان المتقدمين لا يكاد يراد بها إلا التحريم" انتهى .
"الفتاوى الكبرى" (6/287) .
وبناءً على هذا ، فلا يجوز لكم العمل في استخراج تأشيرات لموظفين سيعملون في أعمال
محرَّمة ، ولا يحل لكم العمل على تجديد إقاماتهم ، كما لا يجوز العمل على استخراج
رخص لمؤسسات تقوم بأعمال محرَّمة ولا العمل على تجديد ترخيصها ، وكل ذلك داخل في
التعاون المحرَّم على الإثم والمعصية ، والمال المكتسب من تلك المعاملات مال محرَّم
، وقد أغناكم الله تعالى عن تلك الأعمال بكثرة ما أباحه لكم من غيرها ، وليحرص
المسلم على إطابة لقمة عيشه ، وعلى أن ينبت جسده بالحلال ، وإن تركتم تلك الأعمال
لله تعالى فلتثقوا بربكم عز وجل أنه سيعوضكم خيراً منها ، ويكفيكم ما تجدونه في
نفوسكم من لذة الاستجابة لأمر الله تعالى ، والله يتولاكم ويوفقكم لما فيه رضاه .
والله أعلم .