الحمد لله.
العمل المباشر في البنوك الربوية وشركات التأمين التجارية لا شك أنه محرَّم ، ولا يختلف الحكم باختلاف طبيعة العمل ؛ إذ كل موظف – حتى لو كان حارساً – فهو جزء من تلك المؤسسات القائمة على المعصية ، وقد سبق نقل فتاوى كثيرة في هذا الشأن عن العلماء الثقات ، فلتنظر – مثلاً - في جوابي السؤالين (100218) و(26771) .
ومثله يقال في كل من يعين تلك المؤسسات المحرَّمة على القيام والاستمرار ، فيدخل فيه من يرخِّص لها ، ومن يجدد أوراقها ، ومن يقوم بتثبيت إقامة موظفيها وتجديدها ، وكل ذلك داخل في التعاون على الإثم والمعصية ، وهو أمرٌ محرَّم ، قال تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/ 2 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"إذا أعان الرجل على معصية الله : كان آثما ؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان ، ولهذا (لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر ، وعاصرها ، ومعتصرها ، وحاملها ، والمحمولة إليه ، وبائعها ، ومشتريها ، وساقيها ، وشاربها ، وآكل ثمنها) .
وأكثر هؤلاء - كالعاصر والحامل والساقي - إنما هم يعاونون على شربها ، ولهذا يُنهى عن بيع السلاح لمن يقاتل به قتالاً محرَّماً كقتال المسلمين ، والقتال في الفتنة" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (22/141) .
وقال البخاري في صحيحه :
باب بيع السلاح في الفتنة وغيرها ، وكره عمران بن حصين بيعه في الفتنة .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
"قال ابن بطال : إنما كره بيع السلاح في الفتنة لأنه من باب التعاون على الإثم ، ومن ثم كره مالك والشافعي وأحمد وإسحاق بيع العنب ممن يتخذه خمراً ، وذهب مالك إلى فسخ البيع" انتهى .
"فتح الباري" (4/323) .
والكراهة عند العلماء المتقدمين تعني التحريم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"والكراهة المطلقة في لسان المتقدمين لا يكاد يراد بها إلا التحريم" انتهى .
"الفتاوى الكبرى" (6/287) .
وبناءً على هذا ، فلا يجوز لكم العمل في استخراج تأشيرات لموظفين سيعملون في أعمال محرَّمة ، ولا يحل لكم العمل على تجديد إقاماتهم ، كما لا يجوز العمل على استخراج رخص لمؤسسات تقوم بأعمال محرَّمة ولا العمل على تجديد ترخيصها ، وكل ذلك داخل في التعاون المحرَّم على الإثم والمعصية ، والمال المكتسب من تلك المعاملات مال محرَّم ، وقد أغناكم الله تعالى عن تلك الأعمال بكثرة ما أباحه لكم من غيرها ، وليحرص المسلم على إطابة لقمة عيشه ، وعلى أن ينبت جسده بالحلال ، وإن تركتم تلك الأعمال لله تعالى فلتثقوا بربكم عز وجل أنه سيعوضكم خيراً منها ، ويكفيكم ما تجدونه في نفوسكم من لذة الاستجابة لأمر الله تعالى ، والله يتولاكم ويوفقكم لما فيه رضاه .
والله أعلم .
تعليق