الحمد لله.
القول الثاني : أنه يكره
استعمال الطعام في التنظيف، وهو المعتمد عند المالكية والحـنابلة ، إلا أن الحنابلة
خصوا الكراهة بما يقتات من الطعام ، وليس بجميع أنواع الأطعمة .
قال البهوتي الحنبلي رحمه الله :
"ويكره غسل يديه بطعام ، وهو القوت ، ولو بدقيق حمص وعدس وباقلاء ونحوه" .
انتهى من" كشاف القناع " (5/172) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" يستدل على كراهة الاغتسال بالأقوات ; بأن ذلك يفضي إلى خلطها بالأدناس والأنجاس ،
فنهى عنه، كما نهى عن إزالة النجاسة بها ، والملح ليست قوتاً ، وإنما يصلح بها
القوت .
نعم ، ينهى في الاستنجاء عن قوت الآدميين والبهائم للإنس والجن ، لهذا لا يستنجى
بالنخالة ، وإن غسل يده بها .
فأما إن دعت الحاجة إلى استعمال القوت ، مثل الدبغ بدقيق الشعير، أو التطبب للجرب
باللبن والدقيق ، ونحو ذلك : فينبغي أن يرخص فيه ...
وبهذا قد يجاب عن الملح؛ أنها استعملت لأجل الحاجة .
ودليل آخر وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أمر بلعق الأصابع والصحفة وأخذ
اللقمة الساقطة وإماطة الأذى عنها ) كل ذلك لئلا يضيع شيء من القوت , والتدلك به
إضاعة له لقيام غيره مقامه . وهو من أنواع التبذير الذي هو من فعل الشيطان" انتهى .
وسئلت عن مثل هذه - وهو غسل الأيدي بالمسك - فقلت : إنه إسراف ، بخلاف تتبع الدم
بالفرصة الممسكة ، فإنه يسير لحاجة ، وهذا كثير لغير حاجة" انتهى .
نقله ابن مفلح في " الآداب الشرعية " (3/211) .
والذي ينبغي عدم استعمال
الأطعمة في التنظف ونحوه ، لأن ما يقوم مقام الأطعمة في مثل ذلك: كثير، مبذول ، وهو
أبعد عن الترفه ، والترف .
وأما إذا قدر في حال ما ، أو وقت ما ، عدم ما يعين على التنظف سوى ما كان من جنس
الأطعمة ، أو دعت الحاجة إليه : فنرجو ألا يكون هناك حرج في استعمالها ، للحاجة .
والله أعلم .