نذرت أن تذبح خروفين فهل يجوز أن تجعلهما في تفطير الصائمين ؟

24-11-2010

السؤال 155884

أنا نذرت أن أذبح خروفين إن رفع الله عنِّي البلاء ، والحمد لله رفعه عني ، ونحن في شهر رمضان المبارك ، ونحن هنا في أمريكا ولاية كاليفورنيا يوجد لدينا برنامج تفطير الصائمين في المسجد ، ففي كل يوم يطبخ أحد المسلمين أو العائلات للمسجد - طبعاً تبرعاً منهم - . وسؤالي هو : هل يجوز أن أطبخ هذين الخروفين لتفطير الصائمين في المسجد لأني سمعت أنه لا يجوز ، وإنما النذر للفقراء فقط حتى أنا وأهل بيتي لا يجوز أن نأكل منه ؟ فهل هذا صحيح ؟ . أفيدوني أفادكم الله ، وليتكم توضحون لي ما حكم النذر وخصوصا في الذبح . وجزاكم الله خيراً عنَّا وعن الأمة الإسلامية . وليتني أتلقى الإجابة قبل انتهاء شهر رمضان المبارك لأوفي به .

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
النَّذر الوارد هنا يطلق عليه " نذر المعاوضة " ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن عقده ، وأخبر أنه لا يُستخرج به إلا من البخيل ، ووجه البُخل أن الناذر لم يفعل تلك الطاعة – وهي الذبح في نذرك – إلا بعد أن يحقق الله له مطلوبه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" أصل عقد النذر مكروه ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد ثبت عنه أنه : ( نهى عن النذر، وقال : إنه لا يأتي بخير ، وإنما يستخرج به من البخيل) " انتهى "مجموع الفتاوى" (35/354) .
وهذا بخلاف " نذر الطاعة " وهو الممدوح عاقده ، وهو من ينذر فعل طاعة من غير أن ينظر إلى حصول مقصود دنيوي .
وكلا النذرين يجب الوفاء بهما .
وانظر تفصيل أنواع النذر وأحكامه في جواب السؤال رقم ( 2587 ) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 119562 ) ففيه التنبيه على حرمة النذر لمن اعتقد أن الله تعالى يحقق مطلوب الناذر بسبب أنه نذر ! .

ثانياً:
لا يجوز للناذر أن يأكل من نذره ، إلا إن نوى أن يأكل منه ، أو كان قد اشترط ذلك ، فإذا كنت لم تشترطي الأكل من نذرك الذي نذرت ولم تنوي ذلك : فلا يحل لك – ولا لأهل بيتك - الأكل من لحم ذينك الخروفين .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (23/392) :
" من نذر نذرا يترتب عليه إطعام طعام ، فالأصل أن الناذر لا يأكل من نذره ، إلا أن يشترط أو ينوي أن يأكل من نذره ، فإنه يباح له الأكل كما اشترط أو نوى " انتهى .
وينظر : جواب السؤال رقم ( 82667 ) .

ثالثاً:
الناذر إن حدَّد جهة لتصريف نذره : فيُلزم بما حدَّده كأن يكون نذره للأصدقاء أو الأقرباء أو الجيران أو غيرهم ، فإن أطلق ولم يُحدِّد جهة : فيعطي ما نذر للفقراء والمساكين ؛ لأن هؤلاء هم أهل الصدقة ، ومصرف النذر المطلق من حيث الجهة هو مصرف الصدقة المطلقة ، وهم الفقراء والمساكين ، ولا شك أن أهله وأقاربه الفقراء أولى من غيرهم .
وانظر في تفصيل هذا : جواب السؤال رقم ( 69907 ) و ( 134771 ) .

وعليه : فإذا كان الصائمون الذين يأتون المسجد للإفطار فيه هم من الفقراء أو المساكين : فلا حرج عليك من إعطاء الخروفين لمن يطبخهما من أجل إطعامهم ، وإن لم يكونوا كذلك : فلا تفعلي هذا ، ولك أن توزعي اللحم نيئاً على الفقراء والمساكين ، وقد يكون هذا أفضل لكثير منهم حتى تأكل الأسرة كلها منه .
واحرصي على أن يكون الخروفان مما يجزئ في الأضحية لتكون موفياً بنذرك خير وفاء .
قال علماء اللجنة الدائمة – في سؤال مشابه وهو تلخيص لما سبق أن ذكرناه لك - :
يجب عليك أن تفي بنذرك المذكور ، وذلك بأن تذبح الشاتين اللتين نذرت ذبحهما ، وتوزع لحومهما على الفقراء والمساكين ، ولا بد أن تكون الشاتان مما يجزئ في الأضحية ، وهو جذع الضأن فما فوق ، وثني المعز فما فوق ، وفى الله عنك ويسر أمرك ، ونوصيك بعدم النذر في المستقبل ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال : ( إنه لا يأتي بخير ، وإنما يستخرج به من البخيل ) – متفق عليه - .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 23 / 332 ) .

والله أعلم

الأيمان والنذور
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب