الحمد لله.
أولاً:
النَّذر الوارد هنا يطلق عليه " نذر المعاوضة " ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن عقده ، وأخبر أنه لا يُستخرج به إلا من البخيل ، ووجه البُخل أن الناذر لم يفعل تلك الطاعة – وهي الذبح في نذرك – إلا بعد أن يحقق الله له مطلوبه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" أصل عقد النذر مكروه ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد ثبت عنه أنه : ( نهى عن النذر، وقال : إنه لا يأتي بخير ، وإنما يستخرج به من البخيل) " انتهى "مجموع الفتاوى" (35/354) .
وهذا بخلاف " نذر الطاعة " وهو الممدوح عاقده ، وهو من ينذر فعل طاعة من غير أن ينظر إلى حصول مقصود دنيوي .
وكلا النذرين يجب الوفاء بهما .
وانظر تفصيل أنواع النذر وأحكامه في جواب السؤال رقم ( 2587 ) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 119562 ) ففيه التنبيه على حرمة النذر لمن اعتقد أن الله تعالى يحقق مطلوب الناذر بسبب أنه نذر ! .
ثانياً:
لا يجوز للناذر أن يأكل من نذره ، إلا إن نوى أن يأكل منه ، أو كان قد اشترط ذلك ،
فإذا كنت لم تشترطي الأكل من نذرك الذي نذرت ولم تنوي ذلك : فلا يحل لك – ولا لأهل
بيتك - الأكل من لحم ذينك الخروفين .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (23/392) :
" من نذر نذرا يترتب عليه إطعام طعام ، فالأصل أن الناذر لا يأكل من نذره ، إلا أن
يشترط أو ينوي أن يأكل من نذره ، فإنه يباح له الأكل كما اشترط أو نوى " انتهى .
وينظر : جواب السؤال رقم ( 82667 )
.
ثالثاً:
الناذر إن حدَّد جهة لتصريف نذره : فيُلزم بما حدَّده كأن يكون نذره للأصدقاء أو
الأقرباء أو الجيران أو غيرهم ، فإن أطلق ولم يُحدِّد جهة : فيعطي ما نذر للفقراء
والمساكين ؛ لأن هؤلاء هم أهل الصدقة ، ومصرف النذر المطلق من حيث الجهة هو مصرف
الصدقة المطلقة ، وهم الفقراء والمساكين ، ولا شك أن أهله وأقاربه الفقراء أولى من
غيرهم .
وانظر في تفصيل هذا : جواب السؤال رقم (
69907 ) و ( 134771 ) .
وعليه : فإذا كان الصائمون الذين يأتون المسجد للإفطار
فيه هم من الفقراء أو المساكين : فلا حرج عليك من إعطاء الخروفين لمن يطبخهما من
أجل إطعامهم ، وإن لم يكونوا كذلك : فلا تفعلي هذا ، ولك أن توزعي اللحم نيئاً على
الفقراء والمساكين ، وقد يكون هذا أفضل لكثير منهم حتى تأكل الأسرة كلها منه .
واحرصي على أن يكون الخروفان مما يجزئ في الأضحية لتكون موفياً بنذرك خير وفاء .
قال علماء اللجنة الدائمة – في سؤال مشابه وهو تلخيص لما سبق أن ذكرناه لك - :
يجب عليك أن تفي بنذرك المذكور ، وذلك بأن تذبح الشاتين اللتين نذرت ذبحهما ، وتوزع
لحومهما على الفقراء والمساكين ، ولا بد أن تكون الشاتان مما يجزئ في الأضحية ، وهو
جذع الضأن فما فوق ، وثني المعز فما فوق ، وفى الله عنك ويسر أمرك ، ونوصيك بعدم
النذر في المستقبل ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال : ( إنه لا
يأتي بخير ، وإنما يستخرج به من البخيل ) – متفق عليه - .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ
بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 23 / 332 ) .
والله أعلم
تعليق