الحمد لله.
وقد ذكرنا في تلك الأجوبة شرطاً مهمّاً يتعلق بجواز
أخذ الأب – ومثله الأم – من مال أولاده ، وهو ::
" أن لا يأخذ المال مِن أحد أبنائه ليعطيه لابنٍ آخر ؛ لأن ذلك إلقاء للعداوة بين
الأبناء ، ولأن فيه تفضيلاً لبعض الأبناء على بعض إذا لم يكن الثاني محتاجاً ، فإن
كان محتاجاً : فإن إعطاء أحد الأبناء لحاجة دون إخوته الذين لا يحتاجون : ليس فيه
تفضيل ، بل هو واجب عليه " .
ثالثاً:
غضب أمكم عليكم في حال أنكم لم تستجيبوا لها بإعطاء أخيكم مالاً : لن يضركم ، إن
شاء الله ؛ لأنه بغير حق ، وأنتم لم تخالفوا شرع الله في فعلكم ، ولا تلزمكم طاعة
والدتكم في هذا الذي طلبته منكم .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – ناصحاً في قضية مشابهة لبعض أجزاء قضيتكم - :
"أما بالنسبة للأولاد : فإني أنصحهم بأن يصبروا ويحتسبوا الأجر من الله عز وجل ،
ويسألوا الله تعالى ألا يسلط عليهم آباءهم وأمهاتهم ، وليعلموا أن لكل أزمة فرجاً
وأن الله تعالى يجزي الصابرين أجرهم بغير حساب ، ثم إذا أمرهم آباؤهم أو أمهاتهم
بأمر فيه مشقة عليهم وليس فيه مصلحة للأبوين ، أو أمروهم بأمر فيه ضرر في دينهم أو
دنياهم : فإنه لا يجب عليهم طاعة الوالدين في ذلك ؛ لأن طاعة الوالدين إنما تجب
فيما إذا كان الأمر ينفع الوالدين ولا يضر الأولاد ، ولْيفضِّلوا دائماً جانب الصبر
والاحتساب وانتظار الفرج ، وليدعوا الله تعالى بذلك فإن الله تعالى يقول ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ )" .
انتهى من" فتاوى نور على الدرب " ( شريط رقم 297 ) .
رابعاً:
والخلاصة أن الذي يجب عليكم :
1. البقاء على موقفكم من أخيكم لدفعه للعمل والاعتماد على نفسه ، إلا أن يكون ثمة
أمر ملح في قضية قد تستوجب عليه سجناً – مثلاً – فلا بأس بإعانته فيها ، مع عدم
تسليم المال لوالدتكم أو له ، بل تؤدون عنه بأنفسكم .
2. التلطف في الإنكار على والدتكم ؛ فإن لها حقّاً عليكم في البر والإحسان لها
بالقول والفعل ، فلا ترفعوا أصواتكم عليها ، ولا تؤذوها بالكلام الغليظ الجارح .
3. الصبر والاحتساب في دعائها وغضبها عليكم ، ومقابلة ذلك بالحسنى ، وقد علمتم أن
ذلك لن يضركم ، إن شاء الله ، في شيء فلا تقلقوا منه ، وما تريده منكم لا يصب في
مصلحة ابنها بل يضره ، ولكن عاطفتها التي تمنعها من التفكير بعقلها ، وعسى أن يكون
موقفكم يجعلها تعيد النظر في حكمها عليكم وموقفها منكم .
4. نصح أخيكم بالحسنى أن يعمل ويعتمد على نفسه ، ولا بأس بتشجيعه على ذلك بأن
تجعلوا له مكافأة ببذل مثل ما يكسب ، فإذا كسب مائة جنيه – مثلاً – تجعلون له مثلها
أو أقل أو أكثر بحسب ما ترون ؛ لتشجعوه على الكسب والعمل ، ولتخففوا من مشكلاته
المالية .
ونسأل الله أن يوفقكم لما يحب ويرضى ، وأن يهدي أخاكم لما فيه خير دينه ودنياه ،
وأن يهدي والدتكم للبر والتقوى .
والله أعلم