الأحد 28 شوّال 1446 - 27 ابريل 2025
العربية

شرح حديث (أنت ومالك لأبيك)

9594

تاريخ النشر : 26-07-2000

المشاهدات : 285781

السؤال

أبي يقتبس حديث "أنت ومالك لأبيك" أو "ما يملك الابن ملك للأب" فهل هذا صحيح؟ وهل هذا يعني أنه يحق للأب أن يأخذ ما يشاء حتى لو كان ضد رغبة الابن؟ أعلم أنه واجب على الأبناء مراعاة الآباء.

ملخص الجواب

  1. حديث (أنت ومالك لأبيك) رواه ابن ماجه وابن حبان وله طرق وشواهد يصح بها. واللام في الحديث  ليست للملك بل للإباحة. ومما يدل على أنها ليست للملك أن الابن يرثه أولاده وزوجته وأمه، فلو كان ماله ملكاً لوالده لم يأخذ المال غير الأب.
  2. شروط الإباحة في أخذ الأب مال الابن:
  • - عدم إلحاق الضرر بالابن.
  • - عدم تعلق حاجة ماسة بالابن.
  • - عدم التمييز بين الأبناء إلا للحاجة.
  • - وجود حاجة ماسة للأب.

الحمد لله.

روايات حديث (أنت ومالك لأبيك)

  • عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَالا وَوَلَدًا وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي فَقَالَ أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ رواه ابن ماجه (2291) وابن حبان في صحيحه (2/142) من حديث جابر، و (2292) وأحمد (6902) من حديث عبد الله بن عمرو.
  • ورواية أحمد عن عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ أَتَى أَعْرَابِيٌّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي قَالَ أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ وَإِنَّ أَمْوَالَ أَوْلَادِكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ فَكُلُوهُ هَنِيئًا.

وله طرق وشواهد يصح بها. انظر: "فتح الباري" (5/211)، و "نصب الراية" (3/337).

دلالاة اللام في حديث (أنت ومالك لأبيك)

اللام في حديث (أنت ومالك لأبيك) ليست للملك بل للإباحة.

قال ابن القيم: واللام في الحديث ليست للملك قطعا. ومن يقول هي للإباحة أسعد بالحديث وإلا تعطلت فائدته ودلالته. " إعلام الموقعين " (1/116).

ومما يدل على أنها ليست للملك أن الابن يرثه أولاده وزوجته وأمه، فلو كان ماله ملكاً لوالده: لم يأخذ المال غير الأب.

وقال الشافعي: لأنه لم يثبت فإن الله لما فرض للأب ميراثه من ابنه فجعله كوارث غيره وقد يكون أنقص حظا من كثير من الورثة دل ذلك على أن ابنه مالك للمال دونه. "الرسالة" (ص 468).

شروط الإباحة في أخذ الأب مال الابن

وليست الإباحة على إطلاقها، بل هي بشروط أربعة:

قال الشيخ ابن عثيمين حفظه الله:

هذا الحديث ليس بضعيف لشواهده، ومعنى ذلك: أن الإنسان إذا كان له مال: فإنَّ لأبيه أن يتبسَّط بهذا المال، وأن يأخذ من هذا المال ما يشاء لكن بشرط بل بشروط:

  • الشرط الأول: ألا يكون في أخذه ضرر على الابن، فإن كان في أخذه ضرر كما لو أخذ غطاءه الذي يتغطى به من البرد، أو أخذ طعامه الذي يدفع به جوعه: فإن ذلك لا يجوز للأب.
  • الشرط الثاني: أن لا تتعلق به حاجة للابن، فلو كان عند الابن أمَة يتسراها: فإنه لا يجوز للأب أن يأخذها لتعلق حاجة الابن بها، وكذلك لو كان للابن سيارة يحتاجها في ذهابه وإيابه وليس لديه من الدراهم ما يمكنه أن يشتري بدلها: فليس له أن يأخذها بأي حال.
  • الشرط الثالث: أن لا يأخذ المال مِن أحد أبنائه ليعطيه لابنٍ آخر؛ لأن ذلك إلقاء للعداوة بين الأبناء، ولأن فيه تفصيلاً لبعض الأبناء على بعض إذا لم يكن الثاني محتاجاً، فإن كان محتاجاً: فإن إعطاء الأبناء لحاجة دون إخوته الذين لا يحتاجون: ليس فيه تفضيل بل هو واجب عليه.

وعلى كل حال: هذا الحديث حجة أخذ به العلماء واحتجوا به، ولكنه مشروط بما ذكرنا، فإن الأب ليس له أن يأخذ من مال ولده ليعطي ولداً آخر. والله أعلم. "فتاوى إسلامية" (4/108، 109).

  • وهناك شرط رابع مهم وهو أن تكون عند الأب حاجة للمال الذي يأخذه من ولده، وقد جاء مصرَّحاً بهذا الشرط في بعض الأحاديث.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أولادكم هبة الله لكم يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور  فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها. رواه الحاكم (2/284) والبيهقي (7/480).

والحديث صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " (2564)، وقال:

وفي الحديث فائدة فقهيَّة هامَّة وهي أنه يبيِّن أن الحديث المشهور أنت ومالك لأبيك  (الإرواء 838) ليس على إطلاقه بحيث أن الأب يأخذ من مال ابنه ما يشاء، كلا، وإنما يأخذ ما هو بحاجة إليه.

يمكنك الحصول على المزيد من الفهم بمطالعة الإجابات التالية: (13662، 145503، 4541، 488534، 12214، 4282، 139637).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الشيخ محمد صالح المنجد