أتمنى أن تصلكم هذه الرسالة وأنتم في أتم الصحة والطاعة. أجبرتني والدتي منذ تسع سنوات عندما كنت في سن الخامسة عشرة على الزواج بأحد أقاربي، ولم أستطع المعارضة خوفاً منها. ومنذ ذلك الحين قد منّ الله عليّ بثلاثة أولاد ولله الحمد. لكن خلال السنتين الأخيرتين ساءت العلاقة بيني وبينه بشدة فذهب إلى أحد السحرة ليستخدم السحر في حل مشاكلنا. كما أنه كان لا يصلي الصلوات الخمس . وعلى حد علمي أن الذهاب إلى السحرة وترك الصلاة يخرج المرء من دائرة الإسلام. ولكنه قد تاب وأصبح يحافظ على الصلوات، وقال أنه عندما ذهب إلى الساحر لم يكن يعلم الحكم الشرعي، فهو إنسان بسيط وليس لديه علم شرعي ليحجزه عن الوقوع في مثل هذا. إذاً أسئلتي هي كالتالي: - هل ذهابه إلى الساحر يخرجه من الإسلام؟ وهل حكم من ذهب وهو يعرف الحكم الشرعي في هذه المسألة كمن لا يعرف؟ - وهل تفريطه في تأدية الصلوات الخمس يخرجه من الإسلام؟ علماً أنه كما أشرت قد تاب وأصبح يحافظ عليها. - لقد غادر البيت منذ ثلاثة أشهر ولم يعد منذ ذلك الحين، وقد قال لوالدتي عند مغادرته: " أبلغيها أنني انتهيت منها وهي انتهت مني"، فهل تُحسب هذه طلقة؟ لقد قال ذلك في ساعة غضب. وهو الآن يعيش في الخارج وقد ترك لي كل الديون فتحملتها وحدي، ولكنه وعد بأن يعود ويساعدني في سدادها.. فأريد قبل أن أقدم على السماح له بالعودة أن أعرف الحكم الشرعي في المسائل السابقة لأنه ينبني عليها الشيء الكثير. فأرجو منكم سرعة المساعدة لأني حقاً أمر بحالة صعبة لا سيّما مع وجود ثلاثة أطفال كلهم دون سن الثامنة، إنهم يحبون أباهم ويريدونه أن يكون بجوارهم. وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله.
أولاً :
الذهاب للسحرة والكهنة والعرافين من كبائر الذنوب ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) رواه مسلم (2230) .
وقال عليه الصلاة والسلام : (مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رواه أبو داود (3904) ، والترمذي (135) ، وصححه الألباني .
ومن ذهب إلى العراف أو الساحر وصدقه في أنه يعلم الغيب ، فقد خرج من الإسلام .
أما إن ذهب إليه ولم يصدقه في دعوى علم الغيب ، فقد فعل كبيرة من كبائر الذنوب ، ولكنه لا يخرج بذلك من الإسلام .
وإذا كان الرجل جاهلاً ، ولا يدري أن الذهاب للسحرة حرام ، فنرجو أن يكون ذلك عذراً له عند الله تعالى ، فلا يترتب على ذهابه لهم شيء ، ولا يخرج بذلك من الإسلام .
أما من ذهب إلى الساحر وهو يعلم أن ذلك حرام ، فهذا هو الذي فعل كبيرة من كبائر الذنوب ، وقد تصل به إلى حد الخروج من الإسلام .
وينظر جواب السؤال (112069) ، (32863) .
ثانياً :
الحكم بكفر تارك الصلاة تكاسلاً فيه خلاف كبير بين العلماء ، وهو خلاف معتبر ، ولكل قول أدلته التي يستند عليها ، والذي عليه الفتوى في هذا الموقع : ترجيح القول بكفر تارك الصلاة وهو قول كثير من أهل العلم .
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال (10094 ) ، (5208) .
والحمد لله الذي منَّ على زوجك وهداه لأداء الصلاة والحفاظ عليها .
ثالثاً :
قول الرجل عن زوجته : " انتهيت منها ، وهي انتهت مني" ، من الألفاظ المحتملة للطلاق وغيره ، ولذلك لا يحكم فيها بوقوع الطلاق إلا إذا كان الزوج قاصداً بها الطلاق وناوياً لذلك ، فإن لم يكن ناويا للطلاق وقاصداً له ، لم يقع شيء .
وينظر جواب السؤال (98670) ، (85575) ، (127280) .
وبما أن زوجك قد آب إلى رشده ، وبدأ في الحفاظ على الصلاة ، وتاب من ذهابه للسحرة مع كونه جاهلا بالحكم الشرعي آنذاك ، فالذي ينبغي أن تفتحي معه صفحة جديدة ، ونسأله سبحانه وتعالى أن يفيض عليكم من رحمته ، وأن يـؤلف بين قلوبكم ، ويجمع بينكم على خير .
والله أعلم .